قلت: أولا نقول: إن هذه الرواية محمولة على القطيع الغير المحصور عادة فتنزل على الاستحباب وطيب النفس ودفع النفرة.
وثانيا: على فرض الانحصار هذه الرواية أخص من قاعدة الاشتغال وأدلة اجتناب الشبهة المحصورة، فيعمل بها في هذا المورد الخاص، ولا يلزم من ذلك اطراده في سائر المقامات.
وثالثا نقول: يمكن دعوى الفرق بين هذه الشبهة المحصورة وغيرها بأن الاحتراز عن القطيع بمجرد العلم بكون واحدة منها (1) موطوءة مستلزم لتضيع المال وموجب للمشقة، وهذا الوجه في الحقيقة بيان لحكمة النص، فلا يلزم من ذلك إعمال القرعة في كل ما هو كذلك.
ومن هنا يعلم: أن القول بالقرعة في الشبهة في الموضوع والحلال المختلط بالحرام - كما حكي عن بعض الأصوليين (2) - قول مرغوب عنه جدا، إذ لا دليل على إعمال ذلك بعد قيام الأدلة على لزوم الاجتناب.
فإن قلت: قد ذكرت أن ما لم يكن له طريق شرعي فهو داخل تحت (المشكل) والفرض أن الموضوع المشتبه بنفسه لا سبيل إلى معرفته، فينبغي فيه إعمال القرعة، فمتى عملت فيه ذلك تعين الحرام، فخرج عن مجرى قاعدة الشغل ونحوها.
قلت: هذا اشتباه في معرفة محل البحث، فإن كلامنا الان في المشتبه الذي لا إشكال في ذاته، ولا داعي إلى تميزه غير معرفة الحكم، ولذا عبرنا في أصل العنوان بكونه من مجاري الأصول، ولا ريب حينئذ أن الموضوع بنفسه ليس