يصدق عليه أنه مما لم يرد فيه أمر ولا نهي أو مما لا يعلم، فيجري فيه الأصل ويخرج عن الأشكال، فلا وجه للقرعة، وفرق واضح بين كون الحكم معلقا على (المشكل) أو على (كونه مما لا يعلم) ونحو ذلك، وذلك واضح عند من له دربة (1) في فهم العناوين وتبعية الأحكام للأسماء والموضوعات.
وثالثها: أن الظاهر من قوله: (كل أمر مشتبه) (2): إرادة الموضوع دون الحكم، فلا يشمل الشبهة في نفس الحكم الشرعي وإن كان لفظ (الأمر) أعم، إلا أن في انصرافه في ذلك المقام إليه تأملا ظاهرا، فتأمل.
ورابعها: أن غاية ما يقال: ورود طريقين في بيان الحكم المشتبه، ولا ريب أن العمل بالبراءة أوفق بالشريعة السهلة السمحة.
ولو فرض في العمل بالأصل لزوم تكليف - كما يتفق في الاستصحاب وقاعدة الشغل - فنقول: قيام الإجماع على ذلك - كما ذكرناه - يرجح كون الطريق الأصل، لا القرعة.
وبالجملة: فالمقام أوضح من أن يحتاج إلى النقض والإبرام، فالاشتغال بالأهم أولى.
وأما شبهة الموضوع المستنبط، بمعنى: الأجمال في مؤدى اللفظ، فهو أيضا ليس داخلا تحت (الأمر المشتبه) الذي هو مورد القرعة، لأن لمعرفتها طرقا مقررة من الرجوع إلى العرف أو اللغة وإلى الامارات، وفي مقام التعارض إلى إلى القرعة فنحن أيضا كذلك جريا في ذلك على طريقة لسان القوم في معرفة معاني الألفاظ ولا يبقى فيه بعد ملاحظة الأصول المعمولة في مباحث الألفاظ