أبي بصير (1) ومرسلة عاصم (2) وجواب زرارة للطيار في صحيحة جميل (3).
فإن ظاهر ذلك كله: أن كل مقام فرض فيه اختلاف في شئ إذا أقرع فيه فعلى الله أن يبين فيه الواقع ويحكم بالعدل، إذ لا يكون اختلاف بين اثنين إلا ويكون هناك مبطل ومحق لا محالة وإن كان خارجا عن هذين الاثنين، والغرض وجود المحق والمبطل في الجملة لا في خصوص المتنازعين. فإذا تحقق وجودهما، فمقتضى الرواية: كون القرعة مبينة لذلك ومميزة بين الحق والباطل بجعل الحكيم على الإطلاق، وكل ما هو كذلك فهو حجة.
ويدل على ذلك ما ينقلونه بطرق العامة: (أن القرعة لكل أمر مشتبه) (4) كما في رواية، أو (لكل أمر مشكل) كما في أخرى (5).
ويكفي في إثبات حجية هذه العمومات تلقي الأصحاب لها بالقبول، وتمسكهم بها في هذه الموارد التي عددناها لك وإن كان كثيرا منها غير خال عن النص الخاص. لكن الظاهر من تعليلاتهم كون هذه العمومات مظنونة الصدور بل مقطوعا بها في الجملة من الشارع، وهذا يكفي في حجيتها وإن ضعف السند بحسب رجاله أو إرساله.
ويدل على عموم حجيتها لكل مشتبه: أنه لو لم يكن القرعة فيه حجة لم يكن غيرها أيضا حجة قطعا، إذ الفرض أن الواقعة مشكلة، ومعنى الأشكال: عدم وجود مخرج شرعي وسبيل لذلك - كما نوضح ذلك إن شاء الله تعالى - واللازم من ذلك تعطيل الحكم في موارد الاشتباه التي نعمل فيها بالقرعة، وهو مستلزم للهرج والمرج الواضحين المنافيين لحكمة الشارع، فلا بد في ذلك من سبيل واضح،