الجار بنشر الرطوبة وتخريب البنيان، أو إذا غرس أشجارا - مثلا - إذا كبرت بعد سنين تمنع الشمس والقمر، ويسري عروقها إلى الجدار لا بالفعل.
وعلى الصور كلها: إما أن يكون هذا الفعل مما يعلم المتصرف أنه مضر للغير، أو يظن ذلك، أو غافل عن ذلك. وعلى هذا الفرض أيضا: إما أن يكون في العادة يعد مضرا وإن لم يتنبه لذلك المتصرف، أو لا يعد كذلك. فهذه أصول الصور.
والتحقيق أن يقال: إن الكلام هنا في مقامين:
أحدهما: من جهة الحكم التكليفي، وهو الجواز والعدم.
فنقول: ظاهر عموم ما دل على التصرف في المال الجواز مطلقا، من دون فرق بين هذه الصور كلها، وعموم (من أتلف شيئا ضمنه) (1) ونحو ذلك لا دلالة فيه على التحريم.
والذي يدل على المنع: عمومات الظلم، وعدم جواز التصرف في مال الغير إلا برضاه أو بطيب نفسه (2).
ولا ريب أن هذه الصور إنما هو في صورة لا يصدق عليه (التصرف في مال الغير) وإنما الرجل متصرف في ملك نفسه، ولكنه يلزم من ذلك ضرر على جاره، وبعد ملاحظة الأمثلة والفتاوى يظهر ذلك غاية الظهور، فأدلة التصرف في مال الغير لا دخل لها في المقام.
نعم، بقي هنا النهي عن الأضرار، ولا يتخيل أنه مختص بعدم كون الضرر ناشئا من التصرف في ملك نفسه ولا ينصرف إلى هذه الصورة، لعموم أدلة الضرر كما عرفته، ولأن رواية سمرة (3) - التي هي العمدة في الباب - واردة في خصوص