ما كان الضرر ناشئا من تصرف سمرة في ملكه، وهو عذقه في حائط الأنصاري - كما أشار إليه صاحب الكفاية في عبارتها المتقدمة (1) - وتخصيص مورد العام غير جائز.
ولكن لقائل أن يقول: ليس الضرر هنا لتصرف سمرة في ملكه، بل إنما هو لتعديه ودخوله من دون إخبار واستئذان، وهذا مما لا دخل له في التصرف في الملك، فلو كان الضرر ناشئا عن تصرفه في ملكه فلا نسلم شمول أدلة الضرر لذلك.
ومجمل الكلام: أن النهي عن الضرر ينصرف إلى غير صورة كونه ناشئا عن تصرفه، في ملكه، فدعوى صراحة بعض النصوص غير مسموعة، ومع ذلك كله فالعموم كاف في الشمول، ودعوى الانصراف في غير محلها. وإن لم يكن ناصة في ذلك أيضا فمقتضاها عدم جواز التصرف فيما يضر بالغير، والتعارض بينه وبين عموم التسلط عموم من وجه، والمتجه تقديم جانب التحريم، لما يظهر من الفتاوى ترجيحه، ودلالة استقراء موارد الشرع بذلك، ولأنه: (ما اجتمع الحلال والحرام إلا وغلب الحرام الحلال) (2) ولأن قاعدة الضرر سارية مسرى العقليات الغير القابلة للتخصيص - فلا تذهل - وقد أوضحنا سبيله سابقا، فراجع.
نعم، بقي البحث في أن الصور المذكورة أيها داخلة في عمومات الضرر وأيها خارجة؟
وحيث إن البحث في الحكم التكليفي، فكلما لم يكن المتصرف عالما بأنه مضر فلا تحريم عليه، لأن التكليف فرع العلم، وما كان عالما به فهو حرام.
وأما الظن المعتد به بالأضرار فهل يلحق بالعلم أو بعدمه؟ وجهان، والأقوى إلحاقه بالعلم، لأن مدار أمثال هذه الأمور على الظن غالبا، والعلم القطعي بأن وقد يقال: إن الأصل عدم الأضرار، وإذا تعارض الأصل والظاهر يقدم ذلك يكون مضرا نادر جدا.