الأصل إلا في مواضع شاذة، ومقتضاه الحكم بالجواز ما لم يعلم. ولكن الأول أوفق بالفتاوى وسليقة الفقاهة.
ولو ادعينا جريان السيرة على الاجتناب عما يظن فيه الضرر على الغير ظنا يعتد به لم يكن بعيدا.
هذا كله مع قطع النظر عن تضرر نفسه ونحو ذلك.
وعلى تقدير العلم والظن، فما كان الضرر فيه مستندا إلى شئ يحدث بعد ذلك ولم يكن بالفعل وكان حكميا أيضا - كغرس أشجار مانعة عن الشمس ونحوه أو سارية عروقها إلى الجدار بعد سنين - فلا يعد هذا إضرارا قطعا بحسب العرف، ولا يكون هذا حراما أيضا.
وأما ما كان عينيا - كما لو جعل بيته حماما أو حفر بالوعة يضر بعد مضي مدة - فالذي يستفاد من العرف أن هذا أيضا لا يعد إضرارا، فإن الميزان في الأضرار استناده إلى المتصرف، وأما مثل ذلك فلا يستند إليه - وأمثلة الفقهاء أيضا شاهدة على ما قلناه - بل هذا ضرر يحدث بأمور اخر ليست حاصلة من فعل المتصرف.
وعليك بالتدبر.
وأما ما كان من ذلك بالفعل بحيث يستند إلى نفس الفعل - كالضرب المضر بالجدار، والحفر كذلك، وتعلية البناء المانع عن الشمس والقمر والهواء - فالعينية داخلة تحت الضرر والأضرار المحرم بلا كلام. وأما الحكمية ففيه وجهان، والذي يقوى في النظر: أنه أيضا داخل في الأضرار، لصدقه عليه عرفا، وسيرة الناس في ذلك شاهدة.
وهذه الصور الداخلة تحت الأضرار مع العلم أو الظن لا كلام في تحريمها إذا لم يكن للمالك حاجة [في ذلك] (1) أو كان وتعدى عن قدر حاجته (2) فإن الزائد عنها يرجع إلى عدم الحاجة في الحقيقة.