الفطر لقوله: فرض فإنه بمعنى ألزم وأوجب. قال إسحاق: هي واجبة بالاجماع وكأنه ما علم فيها الخلاف لداود وبعض الشافعية فإنهم قائلون: إنها سنة وتأولوا فرض بأن المراد قدر، ورد هذا التأويل بأنه خلاف الظاهر. وأما القول بأنها كانت فرضا ثم نسخت بالزكاة لحديث قيس بن سعد بن عبادة أمرنا رسول الله (ص) بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله فهو قول غير صحيح لان الحديث فيه رواه مجهول ولو سلم بصحته فليس فيه دليل على النسخ، لأن عدم أمره لهم بصدقة الفطر ثانيا، لا يشعر بأنها نسخت، فإنه يكفي الأمر الأول ولا يرفعه عدم الامر. والحديث دليل على عموم وجوبها على العبيد والأحرار ، الذكور والإناث، صغيرا وكبيرا، وغنيا وفقيرا. وقد أخرج البيهقي من حديث عبد الله بن أبي ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله مرفوعا أدوا صاعا من قمح عن كل انسان، ذكرا أو أنثى، صغيرا أو كبيرا ، غنيا أو فقيرا، أو مملوكا أما الغني فيزكيه الله وأما الفقير فيرد الله عليه أكثر مما أعطى قال المنذري في مختصر السنن: في إسناده النعمان بن راشد لا يحتج بحديثه. نعم: العبد تلزم مولاه عند من يقول إنه لا يملك، ومن يقول إنه يملك تلزمه، وكذلك الزوجة يلزم زوجها، والخادم مخدومة، والقريب من تلزمه نفقته لحديث أدوا صدقة الفطر عمن تمونون أخرجه الدارقطني والبيهقي وإسناده ضعيف ولذلك وقع الخلاف في المسألة كما هو مبسوط في الشرح وغيره . وأما الصغير فتلزم في ماله إن كان له مال كما تلزمه الزكاة في ماله. وإن لم يكن له مال لزمت منفقه كما يقول الجمهور، وقيل تلزم الأب مطلقا، وقيل لا تجب على الصغير أصلا لأنها شرعت طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين كما يأتي: وأجيب بأنه خرج على الأغلب فلا يقاومه تصريح حديث ابن عمر بإيجابها على الصغير. وهو أيضا دال على أنه يجب صاع على كل انسان من التمر والشعير ولا خلاف في ذلك وكذلك ورد صاع من زبيب . وقوله في الحديث من المسلمين لائمة الحديث كلام طويل في هذه الزيادة لأنه لم يتفق عليها الرواة لهذا الحديث إلا أنها على تقدير زيادة من عدل فتقبل، ويدل على اشتراط الاسلام في وجوب صدقة الفطر وأنها لا تجب على الكافر عن نفسه وهذا متفق عليه، وهل يخرجها المسلم عن عبده الكافر؟ فقال الجمهور: لا. وقالت الحنفية وغيرهم: تجب مستدلين بحديث ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر وأجيب بأن حديث الباب خاص والخاص يقضي به على العام فعموم قوله عبده مخصص بقوله من المسلمين. وأما قول الطحاوي إن المسلمين صفة للمخرجين لا للمخرج عنهم فإنه يأباه ظاهر الحديث فإنه فيه العبد وكذا الصغير وهم ممن يخرج عنهم، فدل على أن صفة الاسلام لا تختص بالمخرجين ويؤيده حديث مسلم بلفظ على كل نفس من المسلمين حر أو عبد. وقوله: وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة يدل على أن المبادرة بها هي المأمور بها، فلو أخرها عن الصلاة أثم وخرجت عن كونها صدقة فطر، وصارت صدقة من الصدقات ويؤكد ذلك قوله.
(ولابن عبدي من وجه آخر والدارقطني عنه رضي الله عنه) أي من حديث ابن عمر (بإسناد ضعيف) لان فيه محمد بن عمر الواقدي (أغنوهم) أي الفقراء (عن الطواف) في الأزقة والأسواق لطلب المعاش (في هذا اليوم) أي يوم العيد وإغناؤهم يكون بإعطائهم صدقة أول اليوم.