متفق عليه) اعلم أن إدخال هذا الحديث في باب الاعتكاف لأنه قد قيل لا يصح الاعتكاف إلا في الثلاثة المساجد ثم المراد بالنفي النهي مجازا كأنه قال: لا يستقيم شرعا أن يقصد بالزيارة إلا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به من المزية التي شرفها الله تعالى بها. والمراد من المسجد الحرام هو الحرم هو الحرم كله لما رواه أبو داود الطيالسي من طريق عطاء: أنه قيل له هذا الفضل في المسجد الحرام وحده أم في الحرم؟ قال: بل في الحرم كله ولأنه لما أراد صلى الله عليه وسلم التعيين للمسجد قال: مسجدي هذا. والمسجد الأقصى بيت المقدس سمي بذلك لأنه لم يكن وراءه مسجد كما قاله الزمخشري. والحديث دليل على فضيلة المساجد هذه ودل بمفهوم الحصر أنه يحرم شد الرحال لقصد غير الثلاثة كزيارة الصالحين أحياء وأمواتا لقصد التقرب ولقصد المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها والصلاة فيها وقد ذهب إلى هذا الشيخ أبو محمد الجويني وبه قال القاضي عياض وطائفة، ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار أبي بصرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى الطور وقال: لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت، واستدل بهذا الحديث، ووافقه أبو هريرة. وذهب الجمهور إلى أن ذلك غير محرم واستدلوا بما لا ينهض وتأولوا أحاديث الباب بتأويل بعيد ولا ينبغي التأويل إلا بعد أن ينهض على خلاف ما أولوه الدليل. وقد دل الحديث على فضل المساجد الثلاثة وأن أفضلها المسجد الحرام لان التقديم ذكرا يدل على مزية المقدم ثم مسجد المدينة ثم المسجد الأقصى. وقد دل لهذا أيضا ما أخرجه البزار وحسن إسناده من حديث أبي الدرداء مرفوعا الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة وفي معناه أحاديث أخر. ثم اختلفوا هل الصلاة في هذه المساجد تعم الفرض والنفل أو تخص الأول: قال الطحاوي وغيره: إنها تخص بالفروض لقوله (ص): أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ولا يخفى أن لفظ الصلاة المعرف بلام الجنس عام فيشمل النافلة إلا أن يقال : إن لفظ الصلاة إذا أطلق لا يتبادر منه إلا الفريضة. فلا يشملها.
كتاب الحج الحج بفتح الحاء المهملة وكسرها لغتان وهو ركن من أركان الاسلام الخمسة بالاتفاق . وأول فرصه سنة ست عند الجمهور واختار ابن القيم في الهدي أنه فرض سنة تسع أو عشر وفيه خلاف.
بيان فضله وبيان من فرض عليه (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: العمرة إلى العمرة