وصححه الحاكم وعلق الشافعي القول به على ثبوته) فإنه قال: هذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث ولو ثبت لقلنا به، وقال ابن حبان كان - يعني بهزا - يخطئ كثيرا ولولا هذا الحديث لأدخلته في الثقات وهو ممن أستخير الله فيه. والحديث دليل على أنه يأخذ الامام الزكاة قهرا ممن منعها، والظاهر أنه مجمع عليه، أن نية الامام كافية وأنها تجزئ من هي عليه ، وإن فاته الاجر فقط سقط عنه الوجوب. وقوله: وشطر ماله هو عطف على الضمير المنصوب في آخذوها، والمراد من الشطر البعض. وظاهره أذلك عقوبة بأخذ جزء من المال على منعه اخراج الزكاة، وقد قيل: إن ذلك منسوخ ولم يقم مدعي النسخ دليلا على النسخ بل دل على عدمه أحاديث أخر ذكره في الشرح. وأما قول المصنف: إنه لا دليل في حديث بهز على جواز العقوبة بالمال لان الرواية وشطر ماله بضم الشين فعل مبني للمجهول أي جعل ماله شطرين ويتخير عليه المصدق ويأخذ الصدقة من خير الشطرين عقوبة لمنعه الزكاة. قلت: وفي النهاية ما لفظه: قال الحربي: غلط الراوي في لفظ الرواية إنما هي وشطر ماله أي جعل ماله شطرين إلى آخر ما ذكره المصنف، وإلى مثله جنح صاحب ضوء النهار فيه وفي غيره من رسائله، وذكرنا في حواشيه أنه على هذه الرواية أيضا دال على جواز العقوبة بالمال إذ الاخذ من خير الشطرين عقوبة بأخذ زيادة على الواجب إذ الواجب الوسط غير الخيار. ثم رأيت الشارح أشار إلى هذا الذي قلناه في حواشي ضوء النهار قبل الوقوف على كلامه، ثم رأيت النووي بعد مدة طويلة يذكر ما ذكرناه بعينه ردا على من قال إنه على تلك الرواية لا دليل فيه على جواز العقوبة بالمال ولفظه: إذا تخير المصدق وأخذ من خير الشطرين فقد أخذ زيادة على الواجب وهي عقوبة بالمال، إلا أن حديث بهز هذا لو صح فلا يدل إلا على هذه العقوبة بخصوصها في مانع الزكاة لا غيره. وهذا الشطر المأخوذ يكون زكاة كله أي حكمه حكمها أخذا ومصرفا لا يلحق بالزكاة غيرها في ذلك لأنه ألحق بالقياس ولا نص على علته، وغير النص من أدلة العلة لا يفيد ظنا يعمل به، سيما وقد تقررت حرمة مال المسلم بالأدلة القطعية كحرمة دمه، لا يحل أخذ شئ منه إلا بدليل قاطع ولا دليل بل هذا الوارد في حديث بهز آحادي لا يفيد إلا الظن فكيف يؤخذ به ويقدم على القطعي. ولقد استرسل أهل الامر في هذه الاعصار في أخذ الأموال في العقوبة استرسالا ينكره العقل والشرع، وصارت تناط الولايات بجهال لا يعرفون من الشرع شيئا ولا من الدين أمرا فليس همهم إلا قبض المال من كل من لهم عليه ولاية، ويسمونه: أدبا وتأديبا ويصرفونه في حاجاتهم وأقواتهم وكسب الأوطان وعمارة المساكن في الأوطان فإنا لله وإنا إليه راجعون . ومنهم من يضيع حد السرقة أو شرب المسكر ويقبض عليه مالا. ومنهم من يجمع بينهما فيقيم الحد ويقبض المال وكل ذلك محرم ضرورة دينية، لكنه شاب عليه الكبير وشب عليه الصغير
(١٢٧)