أن المرأة لا تؤم الرجل وهو مذهب الهادوية والحنفية والشافعية وغيرهم. وأجاز المزني وأبو ثور إمامة المرأة. وأجاز الطبري إمامتها في التراويح إذا لم يحضر من يحفظ القرآن، وحجتهم حديث أم ورقة وسيأتي ويحملون هذا النهي على التنزيه أو يقولون الحديث ضعيف. ويدل أيضا على أنه لا يؤم الاعرابي مهاجرا ولعله محمول على الكراهة إذ كان في صدر الاسلام. ويدل أيضا على أنه لا يؤم الفاجر وهو المنبعث في المعاصي مؤمنا، وإلى هذا ذهبت الهادوية فاشترطوا عدالة من يصلي خلفه، وقالوا: لا تصح إمامة الفاسق. وذهبت الشافعية والحنفية إلى صحة إمامته مستدلين بما يأتي من حديث ابن عمر وغيره، وهي أحاديث كثيرة دالة على صحة الصلاة خلف كل بر وفاجر إلا أنها كلها ضعيفة وقد عارضها حديث: لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه. ونحوه، وهي أيضا ضعيفة، قالوا: فلما ضعفت الأحاديث من الجانبين رجعنا إلى ، الأصل وهي أن من صحت صلاته صحت إمامته. وأيد ذلك فعل الصحابة فإنه أخرج البخاري في التاريخ عن عبد الكريم أنه قال: أدركت عشرة من أصحاب محمد (ص) يصلون خلف أئمة الجور. ويؤيده أيضا حديث مسلم: وكيف أنت إذا كان عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة. فقد أذن بالصلاة خلفهم وجعلها نافلة لأنهم أخرجوها عن وقتها، وظاهره أنهم لو صلوها في وقتها لكان مأمورا بصلاتها خلفهم فريضة.
(وعن أنس رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: رصوا) أي في صلاة الجماعة بضم الراء والصاد المهملة من رص البناء (صفوفكم) بانضمام بعضكم إلى بعض (وقاربوا بينها) أي بين الصفوف (وحاذوا) أي يساوي بعضكم بعضا في الصف (بالأعناق رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان) تمام الحديث من سنن أبي داود فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشياطين تدخل في خلل الصف كأنها الحذف بفتح الحاء المهملة والذال المعجمة هي صغار الغنم. وأخرج الشيخان وأبو داود من حديث النعمان بن بشير قال: أقبل رسول الله (ص) على الناس بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم ثلاثا والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم قال فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه وأخرج أبو داود عنه أيضا قال: كان النبي (ص) يسوينا في الصفوف كما يقوم القداح حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا: أقبل ذات يوم بوجهه إذا رجل منتبذ بصدره فقال: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم وأخرج أيضا من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله (ص) يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم . وهذه الأحاديث والوعيد الذي فيها دالة على وجوب ذلك وهو مما تساهل فيه الناس، كما تساهلوا فيما يفيده حديث أنس عنه (ص) أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر أخرجه أبو داود، فإنك ترى الناس في المسجد يقومون للجماعة وهم لا يملأون الصف الأول لو قاموا فيه فإذا أقيمت الصلاة يتفرقون صفوفا على اثنين وعلى