واجب أو فعل محرم. وإلى أنها فرض عين: ذهب عطاء والأوزاعي وأحمد وأبو ثور وابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان ومن أهل البيت أبو العباس وقالت به الظاهرية. وقال داود: إنها شرط في صحة الصلاة بناء على ما يختاره من أن كل واجد في الصلاة فهو شرط فيها، ولم يسلم له هذا، لان الشرطية لا بد لها من دليل، ولذا قال أحمد وغيره: إنها واجبة غير شرط. وذهب أبو العباس تحصيلا لمذهب الهادي أنها فرض كفاية، وإليه ذهب الجمهور من متقدمي الشافعية، وكثير من الحنفية والمالكية. وذهب زيد بن علي والمؤيد بالله وأبو حنيفة وصاحباه والناصر إلى أنها سنة مؤكدة. استدل القائل بالوجوب بحديث الباب، لان العقوبة البالغة لا تكون إلا على ترك الفرائض، وبغيره من الأحاديث كحديث ابن مكتوم أنه قال: يا رسول الله قد علمت ما بي وليس لي قائد - زاد أحمد - وإن بيني وبين المسجد شجرا ونخلا ولا أقدر على قائد كل ساعة، قال (ص): أتسمع الإقامة؟ قال: نعم، قال: فأحضرها أخرجه أحمد وابن خزيمة والحاكم وابن حبان بلفظ أتسمع الأذان؟ قال: نعم. قال: فاتها ولو حبوا والأحاديث في معناه كثيرة ويأتي حديث ابن أم مكتوم، وحديث ابن عباس، وقد أطلق البخاري الوجوب عليها وبوبه بقوله: باب وجوب صلاة الجماعة. وقالوا: هي فرض عين إذ لو كانت فرض كفاية لكان قد أسقط وجوبها فعل النبي (ص) ومن معه لها. وأما التحريق في العقوبات بالنار فإنه وإن كان قد ثبت النهي عنه عاما، فهذا خاص. وأدلة القائل بأنها فرض كفاية أدلة من قال إنها فرض عين بناء على قيام الصارف للأدلة على فرض العين إلى فرض الكفاية. وقد أطال القائلون بالسنية الكلام في الجوابات عن هذا الحديث بما لا يشفي وأقربها أنه خرج مخرج الزجر لا الحقيقة بدليل أنه لم يفعله (ص). واستدل القائل بالسنية بقوله (ص) في حديث أبي هريرة صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ فقد اشتركا في الفضيلة، ولو كانت الفرادى غير مجزئة لما كانت لها فضيلة أصلا وحديث إذا صليتما في رحالكما فأثبت لهما الصلاة في رحالهما ولم يبين أنها إذا كانت جماعة وسيأتي.
(وعنه) أي أبي هريرة (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أثقل الصلاة على المنافقين) فيه أن الصلاة كلها عليهم ثقيلة فإنهم الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، ولكن الأثقل عليهم (صلاة العشاء) لأنها في وقت الراحة والسكون (وصلاة الفجر) لأنها في وقت النوم وليس لهم داع ديني ولا تصديق بأجرهما حتى يبعثهم على اتيانهما، ويخف عليهم الاتيان بهما، ولأنهما في ظلمة الليل، وداعي الرياء الذي لأجله يصلون منتف، لعدم مشاهدة من يراؤونه من الناس إلا القليل، فانتفى الباعث الديني منهما كما انتفى في غيرهما، ثم انتفى الباعث الدنيوي الذي في غيرهما. ولذا قال (ص) ناظرا إلى انتفاء الباعث الديني عندهم: (ولو يعلمون ما فيهما) في فعلهما من الاجر (لاتوهما) إلى المسجد (ولو حبوا) أي ولو مشوا حبوا أي كحبو الصبي على يديه وركبتيه، وقيل هو الزحف على الركب، وقيل على الاست، وفي حديث أبي أمامة عند الطبراني ولو