حديث علي ابن الحسين أن فاطمة عليها السلام كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده. قلت: وهو حديث مرسل فإن علي بن الحسين لم يدرك فاطمة بنت محمد (ص). وعموم ما أخرجه البيهقي في شعب الايمان مرسلا: من زار قبر الوالدين أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب بارا.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لعن رسول الله (ص) النائحة والمستمعة أخرجه أبو داود) النوح هو رفع الصوت بتعديد شمائل الميت ومحاسن أفعاله والحديث دليل على تحريم ذلك وهو مجمع عليه.
(وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: أخذ علينا رسول الله (ص) عند البيعة أن لا ننوح متفق عليه) كان أخذه عليهن ذلك وقت المبايعة على الاسلام. والحديثان دالان على تحريم النياحة وتحريم استماعها إذ لا يكون اللعن إلا على محرم. وفي الباب عن ابن مسعود قال : قال رسول الله (ص): ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. متفق عليه. وأخرجا من حديث أبي موسى: أن رسول الله (ص) قال: أنا برئ ممن حلق وسلق وخرق. وفي الباب غير ذلك. ولا يعارض ذلك ما أخرج أحمد وابن ماجة وصححه الحاكم عن ابن عمر: أنه (ص) مر بنساء ابن عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد فقال: لكن حمزة لا بواكي فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة - الحديث. فإنه منسوخ بما في آخره بلفظ فلا تبكين على هالك بعد اليوم وهو يدل على أنه عبر عن النياحة بالبكاء. فإن البكاء غير منهي عنه كما يدل له ما أخرجه النسائي عن أبي هريرة قال: مات ميت من آل رسول الله (ص) فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينهاهن ويطردهن فقال له (ص) : دعهن يا عمر فإن العين تدمع والقلب مصاب والعهد قريب والميت هي زينب بنته (ص) كما صرح به في حديث ابن عباس أخرجه أحمد وفيه أنه قال لهن: إياكن ونعيق الشيطان فإنه مهما كان من العين ومن القلب فمن الله ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان فإنه يدل على جواز البكاء، وإنه إنما نهي عن الصوت. ومنه قوله (ص) : العين تدمع ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب قاله في وفاة ولده إبراهيم، وأخرج البخاري من حديث ابن عمر إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم وأما ما في حديث عائشة عند الشيخين في قوله (ص) لمن أمره أن ينهى النساء المجتمعات للبكاء على جعفر بن أبي طالب أحث في وجههن التراب فيحمل على أنه كان بكاء بتصويت النياحة فأمر بالنهي عنه ولو بحثو التراب في أفواههن.