وفيه ولا يحل في الورق زكاة حتى يبلغ خمس أواق وأخرج أيضا من حديث جابر مرفوعا ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة. وأما الذهب ففيه هذا الحديث ونقل المصنف عن الشافعي أنه قال: فرض رسول الله (ص) في الورق صدقة فأخذ المسلمون بعده في الذهب صدقة إما بخبر لم يبلغنا وإما قياسا. وقال ابن عبد البر: لم يثبت عن النبي (ص) في الذهب شئ من جهة نقل الآحاد الثقات، وذكر هذا الحديث الذي أخرجه أبو داود وأخرجه الدارقطني. قلت: لكن قوله تعالى: * (وللذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقوا منها في سبيل الله) * الآية منبه على أن في الذهب حقا لله، وأخرج البخاري وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) : ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح وأحمي عليه الحديث، فحقها هو زكاتها وفي الباب عدة أحاديث يشد بعضها سردها في الدر المنثور. ولا بد في نصاب الذهب والفضة من أن يكونا خالصين من الغش، وفي شرح الدميري على المنهاج أنه إذا كان الغش يماثل أجرة الضرب والتلخيص فيتسامح به وبه عمل الناس على الاخراج منها. ودل الحديث على أنه لا زكاة في المال حتى يحول عليه الحول، وهو قول الجماهير وفيه خلاف لجماعة من الصحابة والتابعين وبعض الآل وداود فقالوا: إنه لا يشترط الحول لاطلاق حديث وفي الرقة ربع العشر وأجيب بأنه مقيد بهذا الحديث وما عضده من الشواهد، ومن شواهده أيضا:
(وللترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما: من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول) رواه مرفوعا (والراجح وفقه) إلا أن له حكم الرفع إذ لا مسرح للاجتهاد فيه، ويؤيده آثار صحيحة عن الخلفاء الأربعة وغيرهم فإذا حال عليه الحول فينبغي المبادرة بإخراجها. فقد أخرج الشافعي والبخاري في التاريخ من حديث عائشة مرفوعا ما خالطت الصدقة مالا قط إلا أهلكته وأخرج الحميدي وزاد يكون قد وجب عليك في مالك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال قال ابن تيمية في المنتقى: قد احتج به من يرى تعلق الزكاة بالعين.
(وعن علي رضي الله عنه قال: ليس في البقر العوامل صدقة، رواه أبو داود والدارقطني والراجح وقفه) قال المصنف: قال البيهقي: رواه النفيلي عن زهير بالشك في وقفه ورفعه إلا أن ذكره المصنف بلفظ ليس في البقر العوامل شئ ورواه بلفظ الكتاب من حديث ابن عباس ونسبه للدارقطني وفيه متروك، وأخرجه الدارقطني من حديث علي عليه السلام وأخرجه من حديث جابر إلا أنه بلفظ ليس في البقر المثيرة صدقة وضعف البيهقي إسناده. والحديث دليل على أنه لا يجب في البقر العوامل شئ وظاهره سواء كانت سائمة أو معلوفة وقد ثبتت شرطية السوم في الغنم في البخاري وفي الإبل في حديث بهز عند أبي داود والنسائي، قال الدميري: وألحقت البقر بهما.
(وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ولي يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله