امرئ في ظل صدقته) أي يوم القيامة أعم من صدقته الواجبة والنافلة (حتى يفصل بين الناس رواه ابن حبان والحاكم). فيه حث على الصدقة، وأما كونه في ظلها فيحتمل الحقيقة وأنها تأتي أعيان الصدقة فتدفع عنه حر الشمس أو المراد في كنفها وحمايتها. ومن فوائد صدقة النفل أنها تكون توفية لصدقة الفرض إن وجدت في الآخرة ناقصة كما أخرجه الحاكم في الكنى من حديث ابن عمر وفيه: وانظروا في زكاة عبدي فإن كان ضيع منها شيئا فانظروا هل تجدون لعبدي نافلة من صدقة لتتموا بها ما نقص من الزكاة فيؤخذ ذلك على فرائض الله وذلك برحمة الله وعدله.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: أيما مسلم كسا مسلم ثوبا على عرى كساه الله من خضر الجنة) أي في ثيابها الخضر (وأيما مسلم أطعم مسلما) متصفا بكونه (على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلما) متصفا بكونه (على ظمأ سقاه الله من الرحيق) هو الخالص من الشراب الذي لا غش فيه (المختوم) الذي تختم أوانيه وهو عبارة عن نفاستها (رواه أبو داود وفي إسناده لين) لم يبين الشارح وجهه، وفي مختصر السنن للمنذري في إسناده أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن المعروف بالدالاني وقد أثنى عليه غير واحد وتكلم فيه غير واحد. وفي الحديث الحث على أنواع البر وإعطائها من هو مفتقر إليها وكون الجزاء عليها من جنس الفعل.
(وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله متفق عليه واللفظ للبخاري. أكثر التفاسير وعليه الأكثرون أن اليد العليا يد المعطي والسفلى يد السائل، وقيل يد المتعفف ولو بعد أن يمد إليه المعطي، وعلوها معنوي، وقيل يد الاخذ لغير سؤال وقيل العليا المعطية والسفلى المانعة. وقال قوم من المتصوفة: اليد الآخذة أفضل من المعطية مطلقا قال ابن قتيبة: ما رأى هؤلاء إلا قوما استطابوا السؤال فهم يحتجون للدناءة، ونعم ما قال. وقد ورد التفسير النبوي بأن اليد العليا التي تعطي ولا تأخذ، أخرجه إسحاق في مسنده عن حكيم بن حزام قال: يا رسول الله ما اليد العليا فذكره. وفي الحديث دليل على البداءة بنفسه وعياله لأنهم الأهم. وفيه أن أفضل الصدقة ما بقي بعد اخراجها صاحبها مستغنيا إذ معنى أفضل الصدقة ما أبقى المتصدق من ماله ما يستظهر به على حوائجه ومصالحه لان المتصدق بجميع ماله يندم غالبا ويحب إذا احتاج أنه لم يتصدق، ولفظ الظهر كما قال الخطابي: يورد في مثل هذا اتساعا في الكلام وقيل غير ذلك. واختلف العلماء في صدقة الرجل بجميع ماله فقال القاضي عياض: إنه جوزه العلماء وأئمة الأمصار ، قال الطبراني ومع جوازه فالمستحب أن لا يفعله وأن يقتصر على الثلث. والأولى أن يقال: