خلاف بين المفرعين. وقيل إن ضبطه بالتخفيف، والمراد به الساعي فيدل على أن له الاجتهاد في نظر الأصلح للفقراء، وأنه كالوكيل فتقيد مشيئته بالمصلحة، فيعود الاستثناء إلى الجميع على هذا، وهذا إذا كانت الغنم مختلفة. فلو كانت معيبة كلها أو تيوسا أجزأه اخراج واحدة. وعن المالكية يشتري شاة مجزئة عملا بظاهر الحديث. وهذه زكاة الغنم وتقدمت زكاة الإبل وتأتي زكاة البقر. وأما الفضة فقد أفاد الواجب منها قوله (وفي الرقة) بكسر الراء وتخفيف القاف وهي الفضة الخالصة (في مائتي درهم ربع العشر) أي يجب اخراج ربع عشرها زكاة ويأتي النص على الذهب (فإن لم تكن) أي الفضة (إلا تسعين) درهما (ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها)، كما عرفت، وفي قوله تسعين ومائة ما يوهم أنها إذا زادت على التسعين والمائة قبل بلوغ المائتين أن فيها صدقة، وليس كذلك، بل إنما ذكره لأنه آخر عقد قبل المائة، والحساب إذا جاوز الآحاد كان تركيبه بالعقود كالعشرات والمئين، والألوف، فذكر التسعين لذلك. ثم ذكر حكما من أحكام زكاة الإبل قد أشرنا إلى أنه يأتي بقوله (ومن بلغت عنده من الإبل صدقة عنده) أي في ملكه (وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة) عوضا عن الجذعة (ويجعل معها) أي توفية لها (شاتين إن استيسرنا له أو عشرين درهما) إذا لم تتيسر له الشاتان. وفي الحديث دليل أن هذا القدر هو جبر التفاوت ما بين الحقة والجذعة (ومن بلغت عنده صدقة الحقة) التي عرفت قدرها (وليست عنده الحقة ، وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة) وإن كانت زائدة على ما يلزمه، فلا يكلف تحصيل ما ليس عنده (ويعطيه المصدق) مقابل ما زاد عنده (شاتين أو عشرين درهما) كما سلف فعكسه (رواه البخاري). قد اختلف في قدر التفاوت في سائر الأسنان، فذهب الشافعي إلى أن التفاوت بين كل سنين كما ذكر في الحديث.
وذهب الهادوية إلى أن الواجب هو زيادة فضل القيمة من رب المال أو رد الفضل من المصدق، ويرجع فذلك إلى التقويم، قالوا: بدليل أنه ورد في رواية عشرة دراهم أو شاة وما ذلك إلا أن التقويم يختلف باختلاف الزمان والمكان فيجب الرجوع إلى التقويم، وقد أشار البخاري إلى ذلك فإنه أورد حديث أبي بكر في باب أخذ العروض من الزكاة وذكر في ذلك قول معاذ لأهل اليمن ائتوني بعرض ثيابكم خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب محمد (ص) بالمدينة ويأتي استيفاء ذلك.
(وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي (ص) بعثه إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة) فيه أنه مخير بين الامرين