(وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كنا نعطيها) أي صدقة الفطر (في زمان النبي (ص) صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب.
متفق عليه وفي رواية أو صاعا من أقط) بفتح الهمزة وهو لبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به، كما في النهاية. ولا خلاف فيما ذكر أنه يجب فيه صاع، وإنما الخلاف في الحنطة فإنه أخرج ابن خزيمة عن سفيان عن ابن عمر أنه لما كان معاوية عدل الناس نصف صاع بر بصاع شعير وذلك أنه لم يأت نص في الحنطة أنه يخرج فيها صاع. والقول بأن أبا سعيد أراد بالطعام الحنطة في حديثه هذا غير صحيح كما حققه المصنف في فتح الباري، قال ابن المنذر: لا نعلم في القمح خبرا ثابتا نعتمد عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن البر في المدينة ذلك الوقت، إلا الشئ اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة، رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير، وهم الأئمة فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم، ولا يخفى أنه قد خالف أبو سعيد كما يفيده قوله قال الراوي: (قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه) أي الصاع (كما كنت أخرجه في زمان رسول الله (ص). ولأبي داود) عن أبي سعيد (لا أخرج أبدا إلا صاعا) أي من أي قوت. أخرج ابن خزيمة والحاكم: قال أبو سعيد: وقد ذكر عنده صدقة رمضان فقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج على عهد رسول الله (ص) صاعا من تمر أو صاعا من حنطة أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط، فقال له رجل من القوم:
أو مدين من قمح قال: لا تلك فعل معاوية لا أقبلها ولا أعلم بها لكنه قال ابن خزيمة: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ ولا أدري ممن الوهم. وقال النووي: تمسك بقول معاوية من قال بالمدين من الحنطة، وفيه نظر لأنه فعل صحابي وقد خالفه فيه أبو سعيد وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي (ص)، وقد صرح معاوية بأنه رأي رآه لا أنه سمعه من النبي (ص)، كما أخرجه البيهقي في السنن من حديث أبي سعيد أنه قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أنه قال: إني أرى مدينة من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ بذلك الناس فقال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه الحديث المذكور في الكتاب فهذا صريح أنه رأي معاوية. قال البيهقي بعد إيراد أحاديث في الباب ما لفظه: وقد وردت أخبار عن النبي (ص) في صاع من بر ووردت أخبار في نصف صاع ولا يصح شئ من ذلك وقد بينت علة كل واحد منها في الخلافيات انتهى.
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله (ص) زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث) والواقع منه في صومه (وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة) أي صلاة العيد (فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم) . فيه دليل على وجوبها لقوله فرض كما سلف. ودليل على أن الصدقات تكفر السيئات. ودليل