(وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة (قال: أمرنا رسول الله (ص) إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث) لأهل المال (فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع. رواه الخمسة إلا ابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم) وفي إسناده مجهول الحال كما قال ابن القطاع لكن قال الحاكم: له شاهد متفق على صحته، أن عمر أمر به، كأنه أشار إلى ما أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شبية وأبو عبيد أن عمر كان يقول للخارص : دع لهم قدر ما يأكلون وقدر ما يقع وأخرج ابن عبد البر عن جابر مرفوعا خففوا في الخرص فإن في المال العرية والوطية والآكلة الحديث. وقد اختلف في معنى الحديث على قولين: أحدهما: أن يترك الثلث أو الربع من العشر. وثانيهما: أن يترك ذلك من نفس الثمر قبل أن يعشر. وقال الشافعي: معناه أن يدع ثلث الزكاة أو ربعها ليفرقها هو بنفسه على أقاربه وجير انه، وقيل: يدع له ولأهله قدر ما يأكلون ولا يخرص، قال في الشرح:
والأولى الرجوع إلى ما صرحت به رواية جابر وهو التخفيف في الخرص ويترك من العشر قدر الربع أو الثالث فإن الأمور المذكورة قد لا تدرك الحصاد فلا تجب فيها الزكاة. قال ابن تيمية:
إن الحديث جار على قواعد الشريعة ومحاسنها موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس في الخضراوات صدقة لأنه قد جرت العادة أنه لا بد لرب المال بعد كمال الصلاح أن يأكل هو وعياله ويطعموا الناس ما لا يدخر ولا يبقى فكان ما جرى العرف بإطعامه وأكله بمنزلة الخضروات التي لا تدخر، يوضح ذلك بأن هذا العرف الجاري بمنزلة ما لا يمكن تركه، فإنه لا بد للنفوس من الأكل من الثمار الرطبة، ولا بد من الطعام بحيث يكون ترك ذلك مضرا بها وشاقا عليها انتهى.
(وعن عتاب رضي الله عنه) بفتح المهملة وتشديد المثناة الفوقية آخره موحدة (ابن أسيد) بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وسكون المثناة التحتية (قال: أمر رسول الله (ص) أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبا رواه الخمس وفيه انقطاع) لأنه رواه سعيد بن المسيب عن عتاب، وقد قال أبو داود: إنه لم يسمع منه، قال أبو حاتم:
الصحيح عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عتابا، مرسل، قال النوري:
هذا الحديث وإن كان مرسلا فهو يعتضد بقول الأئمة. والحديث دليل على وجوب خرص الثمر والعنب، لان قول الراوي أمر يفهم أنه أتى (ص) بصيغة تفيد الامر، والأصل فيه الوجوب، وبالوجوب قال الشافعي: وقال الهادوية: إنه مندوب. وقال أبو حنيفة:
إنه محرم، لأنه رجم بالغيب. وأجيب عنه بأنه عمل بالظن ورد به أمر الشارع. ويكفي فيه خارص واحد عدل لان الفاسق لا يقبل خبره، عارف لان الجاهل بالشئ ليس من أهل الاجتهاد فيه، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة وحده يخرص على أهل خيبر، ولأنه كالحاكم يجتهد ويعمل. فإن أصابت الثمرة جائحة بعد الخرص فقال