سواهما وتخفيفهما مذهب مالك والشافعي وغيرهما. وقد جاء في حديث عائشة. حتى أقول أقرأ بأم الكتاب يأتي قريبا. والحديث دليل على أن هذه النوافل للصلاة وقد قيل في حكمة شرعيتها إن ذلك ليكون ما بعد الفريضة جبرا لما فرط فيها من آدابها وما قبلها لذلك وليدخل في الفريضة، وقد انشرح صدره للاتيان بها وأقبل قلبه علي فعلها. قلت: قد أخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والحاكم من حديث تميم الداري قال: قال رسول الله (ص):
أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أتمها كتبت له تامة وإن لم يكن أتمها، قال الله لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته ثم الزكاة كذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك. انتهى وهو دليل لما قيل من حكمة شرعيتها، وقوله في حديث مسلم: إنه لا يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتيه. قد استدل به من يرى كراهة النفل بعد طلوع الفجر وقد قدمنا ذلك.
(وعن عائشة رضي الله عنه أن النبي (ص) كان لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل الغداة. رواه البخاري) لا ينافي حديث ابن عمر في قوله ركعتين قبل الظهر لأن هذه زيادة علمتها عائشة ولم يعلمها ابن عمر، ثم يحتمل أن الركعتين اللتين ذكرهما من الأربع وأنه (ص) كان يصليهما مثنى، وأن ابن عمر شاهد اثنتين فقط ويحتمل أنهما من غيرها، وأنه (ص) كان يصليهما أربعا متصلة. ويؤيد هذا حديث أبي أيوب عند أبي داود، والترمذي في الشمائل، وابن ماجة، وابن خزيمة بلفظ: أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء. وحديث أنس: أربع قبل الظهر كعدلهن بعد العشاء وأربع بعد العشاء كعدلهن من ليلة القدر. أخرجه الطبراني في الأوسط، وعلى هذا فيكون قبل الظهر ست ركعات، ويحتمل أنه كان يصلي الأربع تارة ويقتصر عليها وعنها أخبرت عائشة، وتارة يصلي ركعتين وعنهما أخبر ابن عمر.
(وعنها) أي عن عائشة (قالت: لم النبي (ص) على شئ من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر. متفق عليه) تعاهدا، أي محافظة، وقد ثبت أنه كان لا يتركهما حضرا ولا سفرا، وقد حكى وجوبهما عن الحسن البصري (ولمسلم) أي عن عائشة مرفوعا، (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)، أي أجرهما خير من الدنيا، وكأنه أريد بالدنيا الأرض وما فيها أثاثها ومتاعها. وفيه دليل على الترغيب في فعلهما وأنها ليستا بواجبتين إذ لم يذكر العقاب في تركهما بل الثواب في فعلهما.
(وعن أم حبيبة أم المؤمنين) تقدم ذكر اسمها وترجمتها، (قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: من صلى اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته) كأن المراد في كل يوم وليلة لا في يوم من الأيام وليلة من الليالي، (بني له بهن بيت في الجنة)، ويأتي تفصيلها في رواية الترمذي، (رواه مسلم وفي رواية) أي مسلم عن أم حبيبة (تطوعا) تمييز للاثنتي عشرة زيادة في البيان وإلا فإنه معلوم، (وللترمذي) أي عن