عليه. فإنه دال على زوال تحريم صومه لحكمة لا نعلمها فلو أفرده بالصوم وجب فطره كما يفيده ما أخرجه أحمد والبخاري وأبو داود من حديث جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه في يوم جمعة وهي صائمة فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: تصومين غدا؟ قالت: لا قال: فأفطري والأصل في الامر الوجوب.
(وعنه) أي أبي هريرة رضي الله عنه (أنه رسول الله (ص) قال:
إذا انتصف شعبان فلا تصوموا رواه الخمسة واستنكره أحمد) وصححه ابن حبان وغيره وإنما استنكره أحمد لأنه من رواية العلاء بن عبد الرحمن. قلت: وهو من رجال مسلم قال المصنف في التقريب: إنه صدوق وربما وهم. والحديث دليل على النهي عن الصوم في شعبان بعد انتصافه ولكنه مقيد بحديث إلا أن يوافق صوما معتادا كما تقدم واختلف العلماء في ذلك. فذهب كثير من الشافعية إلى التحريم لهذا النهي: وقيل: إنه يكره إلا قبل رمضان بيوم أو يومين فإنه محرم، وقيل: لا يكره، وقيل: إنه مندوب وأن الحديث مؤول بمن يضعفه الصوم وكأنهم استدلوا بحديث أنه (ص) كان يصل شعبان برمضان ولا يخفى أنه إذا تعارض القول والفعل كان القول مقدما.
(وعن الصماء) بالصاد المهملة (بنت بسر رضي الله عنها) بالموحدة مضمومة وسين مهملة اسمها بهية بضم الموحدة وفتح الهاء وتشديد المثناة التحتية وقيل اسمها بهيمة بزيادة الميم هي أخت عبد الله بن بسر روى عنها أخوها عبد الله (أن رسول الله (ص) قال:
لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء) بفتح اللام فحاء مهملة ممدودة (عنب) بكسر المهملة وفتح النون فموحدة الفاكهة المعروفة والمراد قشره (أو عود شجرة فليمضغها) أي يطعمها بها للفطر (رواه الخمسة ورجاله ثقات إلا أنه مضطرب وقد أنكره مالك وقال أبو داود: هو منسوخ). أما الاضطراب فلانه رواه عبد الله بن بسر عن أخته الصماء، وقيل عن عبد الله، وليس فيه ذكر أخته، قيل: وليست هذه بعلة قادحة فإنه صحابي، وقيل: عن أبيه بسر، وقيل: عن الصماء عن عائشة، قال النسائي: هذا حديث مضطرب، قال المصنف: يحتمل أن يكون عند عبد الله عن أبيه وعن أخته بواسطة، وهذه طريقة صحيحة، وقد رجع عبد الحق الطريق الأولى وتبع في ذلك الدارقطني لكن هذا التلون في الحديث الواحد بإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهي الرواية وينبئ بقلة الضبط إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة الضبط وليس الامر هنا كذلك بل اختلف فيه على الراوي أيضا عن عبد الله بن بسر. وأما إنكار مالك له فإنه قال أبو داود عن مالك إنه قال هذا كذب، أما قول أبي داود: إنه منسوخ، فلعله أراد أن ناسخه قوله:
(وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله (ص) أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد. وكان يقول: إنهما يوما عيد للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة وهذا اللفظ له. فالنهي عن صومه