في خروجهن لتكثير السواد فيكون فيه إرهاب للعدو ثم نسخ. وتعقب أنه نسخ بمجرد الدعوى ويدفعه أن ابن عباس شهد خروجهن وهو صغير وكان ذلك بعد فتح مكة، ولا حاجة إليهن لقوة الاسلام حينئذ، ويدفعه أنه علل في حديث أم عطية حضورهن لشهادتهن الخير ودعوة المسلمين. ويدفعه أنه أفتت به أم عطية بعد وفاته (ص) بمدة ولم يخالفها أحد من الصحابة. وأما قول عائشة: لو رأى النبي (ص) ما أحدث النساء لمنعهن عن المساجد): فهو لا يدل على تحريم خروجهن ولا على نسخ الامر به بل فيه دليل على أنهن لا يمنعن لأنه لم يمنعهن (ص) بل أمر بإخراجهن فليس لنا أن نمنع ما أمر به.
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله (ص) وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة متفق عليه) فيه دليل على أن ذلك هو الامر الذي داوم عليه (ص) وخليفتاه واستمروا على ذلك. وظاهره وجوب تقديم الصلاة على الخطبة، وقد نقل الاجماع على عدم وجوب الخطبة في العيدين، ومستنده ما أخرجه النسائي وابن ماجة وأبو داود من حديث عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله (ص) العيد فلما قضى صلاته قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب فكانت غير واجبة فلو قدمها لم تشرع إعادتها وإن كان فاعلا خلاف السنة. وقد اختلف من أول من خطب قبل الصلاة؟ ففي مسلم أنه مروان، وقيل: سبقه إلى ذلك عثمان كما رواه ابن المنذر بسند صحيح إلى الحسن البصري قال: أول من خطب قبل الصلاة عثمان. أي صلاة العيد. وأما مروان فإنه إنما قدم الخطبة لأنه قال لما أنكر عليه أبو سعيد: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، قيل إنهم كانوا يتعمدون ترك استماع الخطبة لما فيها من سب من لا يستحق السب والافراط في مدح بعض الناس. وقد روى عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري قال: أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية. وعلى كل تقدير فإنه بدعة مخالف لهديه (ص) وقد اعتذر لعثمان بأنه كثر الناس في المدينة وتناءت البيوت فكان يقدم الخطبة ليدرك من بعد منزله الصلاة وهو رأي مخالف لهديه (ص).
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي (ص) صلى يوم العيد ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما أخرجه السبعة) هو دليل على أن صلاة العيد ركعتان وهو إجماع فيمن صلى مع الامام في الجبانة وأما إذا فاتته صلاة الامام فصلى وحده فكذلك عند الأكثر. وذهب أحمد والثوري إلى أنه يصلي أربعا. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود من فاتته صلاة العيد مع الامام فليصل أربعا وهو إسناد صحيح. وقال إسحاق: إن صلاها في الجبانة فركعتين وإلا فأربعا. وقال أبو حنيفة: إذا قضى صلاة العيد فهو مخير بين اثنتين وأربع. وصلاة العيد مجمع على شرعيتها مختلف فيها على أقوال ثلاثة:
(الأول) وجوبها عينا عند الهادي وأبي حنيفة وهو الظاهر من مداومته (ص)