فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف). الحديث يدل على أن من وجد الامام راكعا فلا يدخل في الصلاة حتى يصل الصف لقوله (ص) ولا تعد. وقيل: بل يدل على أنه يصح منه ذلك لأنه (ص) لم يأمره بالإعادة لصلاته، فدل على صحتها، قلت : لعله (ص) لم يأمره لأنه كان جاهلا للحكم والجهل عذر. وروى الطبراني في الأوسط من رواية عطاء عن ابن الزبير - قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح - أنه قال : إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل ثم يدب راكعا حتى يدخل في الصف فإن ذلك السنة. قال عطاء: قد رأيته يصنع ذلك. قال ابن جريج: وقد رأيت عطاء يصنع ذلك. قلت: وكأنه مبني على أن لفظ ولا تعد بضم المثناة الفوقية من الإعادة أي زادك الله حرصا على طلب الخير ولا تعد صلاتك فإنها صحيحة. وروى بسكون العين المهملة من العدو وتؤيده رواية ابن السكن من حديث أبي بكرة بلفظ : أقيمت الصلاة فانطلقت أسعى حتى دخلت في الصف فلما قضى الصلاة قال: من الساعي آنفا؟ قال أبو بكرة: فقلت: أنا، قال (ص): زادك الله حرصا ولا تعد . والأقرب رواية أن لا تعد من العود أي لا تعد ساعيا إلى الدخول قبل وصولك الصف فإنه ليس في الكلام ما يشعر بفساد صلاته حتى يفتيه (ص) بأنه لا يعيدها بل قوله زادك الله حرصا يشعر بإجزائها. أو لا تعد من العدو.
(وعن وابصة) بفتح الواو وكسر الموحدة فصاد مهملة وهو أبو قرصافة بكسر القاف وسكون الراء فصاد مهملة وبعد الألف فاء (ابن معبد رضي الله عنه) بكسر الميم وسكون العين المهملة فدال مهملة وهو ابن مالك من بني أسد بن خزيمة الأنصاري الأسدي نزل وابصة الكوفة ثم تحول إلى الحيرة ومات بالرقة (أن رسول الله (ص) رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وصححه ابن حبان) . فيه دلالة على بطلان صلاة من صلى خلف الصف وحده، وقد قال ببطلانها النخعي وأحمد.
وكان الشافعي يضعف هذا الحديث ويقول: لو ثبت هذا الحديث لقلت به، قال البيهقي:
الاختيار أن يتوقى ذلك لثبوت الخبر المذكور. ومن قال بعدم بطلانها استدل بحديث أبي بكرة وأنه لم يأمره (ص) بالإعادة، مع أنه أتى ببعض الصلاة خلف الصف منفردا، قالوا: فيحمل الامر بالإعادة ههنا على الندب. قيل: والأولى أن يحمل حديث أبي بكرة على العذر وهو خشية الفوات مع انضمامه بقدر الامكان، وهذا لغير عذر في جميع الصلاة.
قلت: وأحسن منه أن يقال هذا لا يعارض حديث أبي بكرة بل يوافقه وإنما لم يأمر (ص) أبا بكرة بالإعادة لأنه كان معذورا بجهله ويحمل أمره بالإعادة لمن صلى خلف الصف بأنه كان عالما بالحكم ويدل على البطلان أيضا ما تضمنه قوله:
(وله) أي لابن حبان (عن طلق بن علي رضي الله عنه) الذي سلف ذكره (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) فإن النفي ظاهر في نفي الصحة (وزاد الطبراني في حديث وابصة ألا دخلت) أيها المصلي منفردا عن الصف (معهم) أي في الصف (أو اجتررت