الترمذي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله (ص): لا تنفق المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه قال: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: هذه أفضل أموالنا إلا أنه قد عارضه ما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فلها نصف أجره ولعله يقال في الجمع بينهما: إن إنفاقها مع إذنه تستحق به الاجر كاملا ومع عدم الإذن نصف الاجر، وأن النهي عن إنفاقها من غير إذنه إذا عرفت منه الفقر أو البخل فلا يحل لها الانفاق إلا بإذنه، بخلاف ما إذا عرفت منه خلاف ذلك ، جاز لها الانفاق من غير إذنه، ولها نصف أجره. ومنهم من قال المراد بنفقة المرأة والعبد والخادم: النفقة على عيال صاحب المال في مصالحه، وهو بعيد من لفظ الحديث. ومنهم من فرق بين المرأة والخادم فقال: المرأة لها حق في مال الزوج والتصرف في بيته، فجاز لها أن تتصدق، بخلاف الخادم فليس له تصرف في مال مولاه فيشترط الاذن فيه . ويرد عليه أن المرأة ليس لها التصرف إلا في القدر الذي تستحقه، وإذا تصدقت منه اختصت بأجره ثم ظاهره أنهم سواء في الاجر، ويحتمل أن المراد بالمثل حصول الاجر في الجملة وإن كان أجر المكتسب أوفر إلا في حديث أبي هريرة ولها نصف أجره فهو يشعر بالمساواة.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت زينب امرأة ابن مسعود فقالت:
يا رسول الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم؟ قال النبي (ص):
صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم رواه البخاري. فيه دلالة على أن الصدقة على من كان أقرب من المتصدق أفضل وأولى.
والحديث ظاهر في صدقة الواجب، ويحتمل أن المراد بها التطوع، والأول أوضح ويؤيده ما أخرجه البخاري عن زينب امرأة ابن مسعود أنها قالت: يا رسول الله أيجزي عنا أن نجعل الصدقة في زوج فقير وأبناء أخ أيتام في حجورنا؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لك أجر لقولها أيجزي ولقوله: صدقة وصلة إذا الصدقة عند الاطلاق تتبادر في الواجبة وبهذا جزم المازني. وهو دليل على جواز صرف زكاة المرأة في زوجها وهو قول الجمهور وفيه خلاف لأبي حنيفة، ولا دليل له يقاوم النص المذكور ومن استدل له بأنها تعود إليها بالنفقة فكأنها ما خرجت عنها فقد أورد عليه أنه يلزمه منع صرفها فيه اتفاقا. وأما الزوج فاتفقوا على أنه لا تجوز له صرف صدقة واجبة في زوجته قالوا: لان نفقتها واجبة عليه فتستغني بها عن الزكاة قاله المصنف في الفتح، وعندي في هذا الأخير توقف لان غنى المرأة بوجوب النفقة عل زوجها لا يصيرها غنية الغنى الذي منع من حل الزكاة لها. وفي قوله وولده ما يدل على إجزائها في الولد إلا أنه ادعى ابن المنذر الاجماع على عدم جواز صرفها إلى الولد وحملوا الحديث على أنفي غير الواجبة أو أن الصرف إلى الزوج - وهو المنفق على الأولاد أو أن الأولاد للزوج ولم يكونوا منها كما يشعر به ما وقع في رواية أخرى على زوجها وأيتام في حجرها ولعلهم أولاد زوجها سموا أيتاما باعتبار اليتم من الأم.