الحديث الصحيح. وأما قيام مكلف بعبادة عن غيره فقد ثبت في الحج بالنص الثابت فيثبت في الصوم به فلا عذر عن العمل به. واعتذر المالكية عنه بعدم عمل أهل المدينة به مبني على أن تركهم العمل بالحديث حجة وليس كذلك كما عرف في الأصول، وكذلك اعتذار الحنفية بأن الراوي أفتى بخلاف ما روى عذر غير مقبول إذ العبرة بما روى لا بما رأى كما عرف فيها أيضا. ثم اختلف القائلون بإجزاء الصيام عن الميت هل يختص ذلك بالولي أو لا ، فقيل: لا يختص بالولي بل لو صام عنه الأجنبي بأمره أجزأ كما في الحج وإنما ذكر الولي في الحديث للغالب، وقيل: يصح أن يستقل به الأجنبي بغير أمر لأنه قد شبهه (ص) بالدين حيث قال: فدين الله أحق أن يقضى فكما أن الدين لا يختص بقضائه القريب فالصوم مثله وللقريب أن يستنيب.
باب صوم التطوع وما نهي عن صومه عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله (ص) سئل عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: يكفر السنة الماضية وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال: ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه، أو أنزل علي فيه رواه مسلم. قد استشكل تكفير ما لم يقع وهو ذنب السنة الآتية، وأجيب بأن المراد أنه يوفق فيها لعدم الاتيان بذنب، وسماه تكفيرا لمناسبة الماضية أو أنه إن أوقع فيها ذنبا وفق للاتيان بما يكفره. وأما صوم يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر المحرم عند الجماهير فإنه قد كان واجبا قبل فرض رمضان ثم صار بعده مستحبا: وأفاد الحديث أن صوم يوم عرفة أفضل من صوم يوم عاشوراء، وعلل (ص) شرعية صوم يوم الاثنين بأنه ولد فيه وبعث فيه أو أنزل عليه فيه وكأنه شك من الراوي وقد اتفق أنه (ص) ولد فيه وبعث فيه. وفيه دلالة على أنه ينبغي تعظيم اليوم الذي أحدث الله فيه على عبده نعمة، بصومه والتقرب فيه. وقد ورد في حديث أسامة تعليل صومه (ص) يوم الاثنين والخميس: بأنه يوم تعرض فيه الأعمال وأنه يحب أن يعرض عمله وهو صائم. ولا منافاة بين التعليلين.
(وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال:
من صام رمضان ثم اتبعه ستا) هكذا ورد مؤنثا مع أن مميزه أيام وهي مذكر لان اسم العدد إذا لم يذكر مميزه جاز فيه الوجهان كم صرح النحاة (من شوال كان