وفتح المثلثة وكسر الراء وتشديد المثناة التحتية، قال الخطابي: هو الذي يشرب بعروقه لأنه عثر على الماء وذلك حيث كان الماء قريبا من وجه الأرض، فيغرس عليه فيصل الماء إلى العروق من غير سقي، وفيه أقوال أخر وما ذكرناه أقربها (العشر) مبتدأ خبره ما تقدم من قوله فيما سقت أو أنه فاعل محذوف أي فيما ذكر يجب (وفيما سقي بالنضح) بفتح النون وسكون الضاد فحاء مهملة: السانية من الإبل والبقر وغيرها من الرجال (نصف العشر رواه البخاري ولأبي داود) من حديث سالم (إذا كان بعلا) عوضا عن قوله عثريا وهو بفتح الموحدة وضم العين المهملة كذا في الشرح وفي القاموس إنه ساكن العين فسر بأنه كل نخل وشجر وزرع لا يسقى أو ما سقته السماء وهو النخل الذي يشرب بعروقه العشر وفيما سقي بالسواني أو النضح) دل عطفه عليه على التغاير ، وأن السواني المراد بها الدواب، والنضح ما كان بغيرها كنضح الرجال بالآلة والمراد من الكل ما كان سقيه بتعب وعناء (نصف العشر). وهذا الحديث دل على التفرقة بين ما سقي بالسواني وبين ما سقي بماء السماء والأنهار، وحكمته واضحة وهو زيادة التعب والعناء، فنقص بعض ما يجب رفقا من الله تعالى بعباده. ودل على أنه يجب في قليل ما أخرجت الأرض وكثيره الزكاة، على ما ذكر، وهذا معارض بحديث جابر وحديث أبي سعيد، واختلف العلماء في الحكم في ذلك. فالجمهور أن حديث الأوساق مخصص لحديث سالم وأنه لا زكاة فيما لم يبلغ الخمسة الأوساق. وذهب جماعة منهم زيد بن علي وأبو حنيفة إلى أنه لا يخص بل يعمل بعمومه فيجب في قليل ما أخرجت الأرض وكثيره. والحق مع أهل القول الأول لان حديث الأوساق حديث صحيح ورد لبيان القدر الذي تجب فيه الزكاة، كما ورد حديث مائتي الدرهم لبيان ذلك مع ورود في الرقة ربع العشر، ولم يقل أحد إنه يجب في قليل الفضة وكثيرها الزكاة وإنما الخلاف هل يجب في القليل منها إذا كانت قد بلغت النصاب كما عرفت وذلك لأنه لم يرد حديث في الرقة ربع العشر إلا لبيان أن هذا الجنس تجب فيه الزكاة، وأما قدر ما يجب فيه فموكول إلى الحديث التبيين له بمائتي درهم فكذا هنا قوله فيما سقت السماء العشر أي في هذا الجنس يجب العشر وأما بيان ما يجب فيه فموكول إلى حديث الأوساق، وزاده إيضاحا قوله في الحديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة كأنه ما ورد إلا لدفع ما يتوهم من عموم فيما سقت السماء العشر كما ورد ذلك في قوله وليس فيما دون خمسة أوقي من الورق صدقة ثم إذا تعارض العام والخاص كان العمل بالخاص عند جهل التاريخ كما هنا فإنه أظهر الأقوال في الأصول.
(وعن أبي موسى الأشعري ومعاذ رضي الله عنهما أن النبي (ص) قال لهما:) حين بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم: (لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر رواه الطبراني والحاكم) والدارقطني . قال البيهقي رواته ثقات ومتصل وروى الطبراني من حديث موسى بن طلحة عن عمر