كصيام الدهر رواه مسلم). فيه دليل على استحباب صوم ستة أيام من شوال وهو مذهب جماعة من الآل وأحمد والشافعي. وقال مالك: يكره صومها قال: لأنه ما رأى أحدا من أهل العلم يصومها ولئلا يظن وجوبها. الجواب أنه بعد ثبوت النص بذلك لا حكم لهذه التعليلات وما أحسن ما قاله ابن عبد البر: إنه لم يبلغ مالكا هذا الحديث يعني حديث مسلم. واعلم أن أجر صومها يحصل لمن صامها متفرقة أو متوالية ومن صامها عقيب العيد أو في أثناء الشهر. وفي سنن الترمذي عن ابن المبارك أنه اختار أن يكون ستة أيام من أول شوال، وقد روى عن ابن المبارك أنه قال: من صام ستة أيام من شوال متفرقا فهو جائز.
قلت: ولا دليل على اختيار كونها من أول شوال إذ من أتى بها في شوال في أي أيامه صدق عليه أنه اتبع رمضان ستا من شوال. وإنما شبهها بصيام الدهر لان الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة أشهر وست من شوال بشهرين. وليس في الحديث دليل على مشروعية صيام الدهر ويأتي بيانه في آخر الباب.
واعلم أنه قال التقي السبكي: إنه قد طعن في هذا الحديث من لا فهم له مغترا بقول الترمذي إنه حسن يريد في رواية سعد بن سعيد الأنصاري أخي يحيى بن سعيد. قلت: ووجه الاغترار أن الترمذي لم يصفه بالصحة بل بالحسن وكأنه في نسخة. الذي رأيناه في سنن الترمذي بعد سياقه للحديث ما لفظه: قال أبو عيسى: حديث أبي أيوب حديث حسن صحيح ثم قال: وسعد بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري وقد تكلم بعض أهل الحديث في سعد بن سعيد بن من قبل حفظه انتهى. قلت: قال ابن دحية: إنه قال أحمد بن حنبل : سعد بن سعيد ضعيف الحديث وقال النسائي: ليس بالقوى وقال أبو حاتم: لا يجوز الاشتغال بحديث سعد بن سعيد انتهى. ثم قال ابن السبكي: وقد اعتنى شيخنا أبو محمد الدمياطي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلا رووه عن سعد بن سعيد وأكثرهم حفاظ ثقات منهم السفيانان، وتابع سعدا على روايته أخوه يحيى وعبد ربه وصفوان بن سليم وغيرهم ورواه أيضا عن النبي (ص) ثوبان وأبو هريرة وجابر وابن عباس والبراء بن عازب وعائشة ولفظ ثوبان من صام رمضان فشهره بعشره ومن صام ستة أيام بعد الفطر فذلك صيام السنة رواه أحمد والنسائي.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) : ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله) هو إذا أطلق يراد به الجهاد (إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفا متفق عليه واللفظ لمسلم). فيه دلالة على فضيلة الصوم في الجهاد ما لم يضعف بسبه عن قتال عدوه وكأن فضيلة ذلك لأنه جمع بين جهاد نفسه في طعامه وشرابه وشهوته، وكنى بقوله: باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفا عن سلامته من عذابها.
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله (ص) يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله (ص)