ثم شهدتها مع عمر فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول انتصف النهار ثم شهدتها مع عثمان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره. ورواه أحمد بن حنبل في رواية ابنه عبد الله قال: وكذلك روي عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية: أنهم صلوا قبل الزوال. ودلالة هذا على مذهب أحمد واضحة، والتأويل الذي سبق من الجمهور يدفعه أن صلاة النبي (ص) مع قراءته سورة الجمعة والمنافقون وخطبته لو كانت بعد الزوال لما ذهبوا من صلاة الجمعة إلا وللحيطان ظل يستظل به كذا في الشرح . وحققنا في حواشي ضوء النهار أن وقتها الزوال، ويدل له أيضا قوله:
(وعن سهل بن سعد رضي الله عنه) هو أبو العباس سهل بن سعد بن مالك الخزرجي الساعدي الأنصاري قيل كان اسمه حزنا فسماه (ص) سهلا مات النبي (ص) وله خمس عشرة سنة ومات بالمدينة سنة إحدى وسبعين وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة قال: ما كنا نقيل) من القيلولة (ولا نتغدى إلا بعد الجمعة متفق عليه واللفظ لمسلم. وفي رواية في عهد رسول الله (ص)). في النهاية المقيل والقيلولة الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم. فالحديث دليل على ما دل عليه الحديث الأول وهو من أدلة أحمد وإنما أتى المصنف رحمه الله بلفظ رواية على عهد رسول الله (ص) لئلا يقول قائل إنه لم يصرح الراوي في الرواية الأولى أن ذلك كان من فعله (ص) وتقريره فدفعه بالرواية التي أثبتت أن ذلك كان على عهده، ومعلوم أنه لا يصلي الجمعة في عهده في المدينة سواه، فهو إخبار عن صلاته وليس فيه دليل على الصلاة قبل الزوال، لأنهم في المدينة ومكة لا يقيلون ولا يتغدون إلا بعد صلاة الظهر كما قال تعالى: * (وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة) * نعم كان (ص) يسارع بصلاة الجمعة في أول وقت الزوال بخلاف الظهر فقد كان يؤخره بعده حتى يجتمع الناس.
(وعن جابر رضي الله عنه أن النبي (ص) كان يخطب قائما فجاءت عير) بكسر العين المهملة وسكون المثناة التحتية فراء قال في النهاية: العير الإبل بأحمالها (من الشام فانفتل) بالنون الساكنة وفتح الفاء فمثناة فوقية أي انصرف (الناس إليها حتى لم يبق) أي في المسجد - (إلا اثنا عشر رجلا. رواه مسلم). الحديث دليل على أنه يشرع في الخطبة أن يخطب قائما. وأنه لا يشترط لها عدد معين كما قيل إنه يشترط لها أربعون رجلا ولا ما قيل إن أقل ما ينعقد به اثنا عشر رجلا كما روي عن مالك لأنه لا دليل أنها لا تنعقد بأقل. وهذه القصة هي التي نزلت فيها الآية: * (وإذا رأوا تجارة) * الآية: وقال القاضي عياض:
إنه روى أبو داود في مراسيله: أن خطبته (ص) التي انفضوا عنها إنما كانت بعد صلاة الجمعة وظنوا أنه لا شئ عليهم في الانفضاض عن الخطبة وأنه قبل هذه القصة كان يصلي قبل الخطبة. قال القاضي: وهذا أشبه بحال أصحابه والمظنون بهم ما كانوا يدعون الصلاة مع النبي (ص) ولكنهم ظنوا جواز الانصراف بعد انقضاء الصلاة.
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص): من