عرض له المرض فإن له أن يتحلل وإليه ذهب طائفة من الصحابة والتابعين ومن أئمة المذاهب أحمد وإسحاق وهو الصحيح من مذهب الشافعي ومن قال: إن عذر الاحصار يدخل فيه المرض، قال: يصير المريض محصرا له حكمه. وظاهر هذا الحديث أنه لا يصير محصرا بل يحل حيث حصره المرض ولا يلزمه ما يلزم المحصر من هدي ولا غيره. وقال طائفة من الفقهاء: أنه لا يصح الاشتراط ولا حكم له قالوا: وحديث ضباعة قصة عين موقوفة مرجوحة أو منسوخة أو أن الحديث ضعيف وكل ذلك مردود إذ الأصل عدم الخصوصية وعدم النسخ. والحديث ثابت في الصحيح وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وسائر كتب الحديث المعتمدة من طرق متعددة بأسانيد كثيرة عن جماعة من الصحابة. ودل مفهوم الحديث أن من لم يشترط في إحرامه فليس له التحلل ويصير محصرا له حكم المحصر على ما هو الصواب على أن الاحصار يكون بغير العدو.
(وعن عكرمة) هو أبو عبد الله عكرمة مولى عبد الله بن عباس أصله من البربر يسمع من ابن عباس وعائشة وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم ونسب إليه أنه يرى رأي الخوارج وقد أطال المصنف في ترجمته في مقدمة الفتح وأطال الذهبي فيه في الميزان والأكثرون على إطراحه وعدم قبوله: (عن الحجاج بن عمرو) بن أبي غزية بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وتشديد المثناة التحتية (الأنصاري رضي الله عنه) المازني نسبة إلى جده مازن بن النجار قال البخاري: له صحبة روى عن النبي (ص) حديثين هذا أحدهما (قال: قال رسول الله (ص) : من كسر) مغير الصيغة (أو عرج) بفتح المهملة الراء وهو محرم لقوله (فقد حل وعليه الحج من قابل) إذا لم يكن قد أتى الفريضة (قال عكرمة:
فسألت ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما عن ذلك فقالا: صدق) في اخباره عن النبي (ص) (رواه الخمسة وحسنه الترمذي). والحديث دليل على أن من أحرم فأصابه مانع من مرض مثل ما ذكره أو غيره فإنه بمجرد حصول ذلك المانع يصير حلالا . فأفادت الثلاثة الأحاديث أن المحرم يخرج عن إحرامه بأحد ثلاث أمور: إما بالاحصار بأي مانع كان، أو بالاشتراط، أو بحصول ما ذكر من حادث كسر أو عرج وهذا فيمن أحصر وفاته الحج. وأما من فاته الحج لغير إحصار فإنه اختلف العلماء في حكمه فذهب الهادوية وآخرون إلى أنه يتحلل بإحرامه الذي أحرمه للحج بعمرة، وعن الأسود قال: سألت عمر عمن فاته الحج وقد أحرم به فقال: يهل بعمرة وعليه الحج من قابل ثم لقيت زيد بن ثابت فسألته فقال: مثله أخرجه البيهقي. وقيل يهل بعمرة ويستأنف لها إحراما آخر ، وقالت الهادوية: ويجب عليه دم لفوات الحج، وقالت الشافعية والحنفية: لا يجب عليه إذ يشرع له التحلل، وقد تحلل بعمرة والأظهر ما قالوه لعدم الدليل على الايجاب والله أعلم.