مقام المحرم للمرأة؟ فأجاز البعض مستدلا بأفعال الصحابة ولا تنهض حجة على ذلك لأنه ليس بإجماع، وقيل: يجوز لها السفر إذا كانت ذات حشم، والأدلة لا تدل على ذلك. وأما أمره (ص) له بالخروج مع امرأته فإنه أخذ منه أحمد أنه يجب خروج الزوج مع زوجته إلى الحج إذا لم يكن معها غيره. وغير أحمد قال: لا يجب عليه، وحمل الامر على الندب، قال: وإن كان لا يحمل على الندب إلا لقرينة عليه فالقرينة ما علم من قواعد الدين أنه لا يجب على أحد بذل منافع نفسه لتحصيل غيره ما يجب عليه. وأخذ من الحديث أن ليس للرجل منع امرأته من حج الفريضة لأنها عبادة قد وجب عليها، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، سواء قلنا إنه على الفور أو التراخي، أما الأول فظاهر، قيل: وعلى الثاني أيضا فإن لها أن تسارع إلى براءة ذمتها كما أن لها أن تصلي أول الوقت وليس له منعها. وأما ما أخرجه الدارقطني من حديث ابن عمر مرفوعا في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها في الحج ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها فإنه محمول على حج التطوع جمعا بين الحديثين على أنه ليس في حديث الكتاب ما يدل أنها خرجت من دون إذن زوجها وقال ابن تميمة: إنه يصح الحج من المرأة بغير محرم ومن غير المستطيع، وحاصله أن من لم يجب عليه لعدم الاستطاعة مثل المريض والفقير والمعضوب والمقطوع طريقه، والمرأة بغير محرم، وغير ذلك إذا تكلفوا شهود المشاهد أجزأهم الحج، ثم منهم من هو محسن في ذلك كالذي يحج ماشيا، ومنهم من هو مسئ في ذلك كالذي يحج بالمسألة، والمرأة تحج بغير محرم وإنما أجزأهم لان الأهلية تامة والمعصية إن وقعت فهي في الطريق لا في نفس المقصود.
(وعنه) أي ابن عباس (رضي الله عنهما أن النبي (ص) سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة) بضم الشين المعجمة فموحدة ساكنة (قال: من شبرمة؟
قال: أخ لي أو قريب لي) شك من الراوي (فقال: حججت عن نفسك؟ قال: لا : قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة رواه أبو داود وابن ماجة وصححه ابن حبان والراجح عند أحمد وقفه). وقال البيهقي: إسناده صحيح وليس في هذا الباب أصح منه. وقال أحمد بن حنبل: رفعه خطأ. وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه، وقال الدارقطني:
المرسل أصح، قال المصنف: هو كما قال، لكنه يقوي المرفوع لأنه من غير رجاله، وقال ابن تيمية: إن أحمد حكم في رواية ابنه صالح عنه أنه مرفوع فيكون قد اطلع على ثقة من رفعه، قال: وقد رفعه جماعة. على أنه وإن كان موقوفا فليس لابن عباس فيه مخالف . والحديث دليل على أنه لا يصح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه فإذا أحرم عن غيره فإنه ينعقد إحرامه عن نفسه لأنه (ص) أمره أن يجعله عن نفسه بعد أن لبى عن شبرمة فدل على أنها لتنعقد النية عن غيره وإلا لأوجب عليه المضي فيه. وأن الاحرام ينعقد مع الصحة والفساد وينعقد مطلقا مجهولا معلقا فجاز أن يقع عن غيره ويكون عن نفسه وهذا لان إحرامه عن الغير باطل لأجل النهي، والنهي يقتضي الفساد، وبطلان صفة الاحرام لا يوجب بطلان أصله وهذا قول أكثر الأئمة أنه لا يصح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه