حبوا على يديه ورجليه. وفي رواية جابر عنده أيضا بلفظ: ولو حبوا أو زحفا. فيه حث بليغ على الاتيان إليهما. وأن المؤمن إذا علم ما فيهما أتى إليهما على أي حال، فإنه ما حال بين المنافق وبين هذا الاتيان إلا عدم تصديقه بما فيهما (متفق عليه).
(وعنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (قال: أتى النبي (ص) رجل أعمى) قد وردت بتفسيره الرواية الأخرى وأنه ابن أم مكتوم (قال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فرخص له) أي في عدم إتيان المسجد (فلما ولى دعاه فقال:
هل تسمع النداء) وفي رواية الإقامة (بالصلاة؟ قال: نعم قال: فأجب رواه مسلم). كان الترخيص أولا مطلقا عن التقييد بسماعه النداء فرخص له ثم سأله هل تسمع النداء قال: نعم فأمره بالإجابة. ومفهومه أنه إذا لم يسمع النداء كان ذلك عذرا له، وإذا سمعه لم يكن له عذر عن الحضور. والحديث من أدلة الايجاب للجماعة عينا، لكن ينبغي أن يقيد الوجوب عينا على سامع النداء لتقييد حديث الأعمى وحديث ابن عباس له، وما أطلق من الأحاديث يحمل على المقيد. وإذا عرفت هذا فاعلم أن الدعوى وجوب الجماعة عينا أو كفاية، والدليل هو الحديث الهم بالتحريق وحديث الأعمى، وهما إنما دلا على وجوب حضور جماعته (ص) في مسجده لسامع النداء وهو أخص من وجوب الجماعة، ولو كانت الجماعة واجبة مطلقا لبين (ص) ذلك للأعمى ولقال له انظر من يصلي معك، ولقال في المتخلفين إنهم لا يحضرون جماعته (ص) ولا يجمعون في منازلهم. والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة. فالأحاديث إنما دلت على وجوب حضور جماعته (ص) عينا على سامع النداء لا على وجوب مطلق الجماعة كفاية ولا عينا. وفيه أنه لا يرخص لسامع النداء عن الحضور وإن كان له عذر فإن هذا ذكر العذر وأنه لا يجد قائدا فلم يعذره إذن. ويحتمل أن الترخيص له ثابت للعذر، ولكنه أمره بالإجابة ندبا لا وجوبا ليحرز الاجر في ذلك. والمشقة تغتفر بما يجده في قلبه من الروح في الحضور ويدل لكون الامر للندب أي مع العذر قوله:
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (ص) قال: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر رواه ابن ماجة والدار قطني وابن حبان والحاكم وإسناده على شرط مسلم لكن رجج بعضهم وقفه) الحديث أخرج من طريق شعبة موقوفا ومرفوعا، والموقوف في زيادة إلا من عذر فإن الحاكم وقفه عند أكثر أصحاب شعبة. وأخرج الطبراني في الكبير من حديث أبي موسى عنه (ص): من سمع النداء فلم يجب من غير ضرر ولا عذر فلا صلاة له، قال الهيثمي: فيه قيس بن الربيع وثقه شعبة وسفيان الثوري وضعفه جماعة. وقد أخرج حديث ابن عباس المذكور أبو داود بزيادة قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى بإسناد ضعيف.
والحديث دليل على تأكد الجماعة وهو حجة لمن يقول إنها فرض عين. ومن يقول إنها سنة