كتاب الصيام الصيام لغة: الامساك وفي الشرع: إمساك مخصوص وهذا الامساك عن الأكل والشرب والجماع وغيرها مما ورد به الشرع في النهار على الوجه المشروع ويتبع ذاك الامساك عن اللغو والرفث وغيرهما من الكلام المحرم والمكروه، لورود الأحاديث بالنهي عنها في الصوم زيادة على غيره، في وقت مخصوص بشروط مخصوصة تفصلها الأحاديث الآتية. وكان مبدأ فرضه في السنة الثانية من الهجرة.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): لا تقدموا رمضان) فيه دليل على اطلاق هذا اللفظ على شهر رمضان، وحديث أبي هريرة عند أحمد وغيره مرفوعا لا تقولوا جاء رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله ولكن قولوا جاء شهر رمضان حديث ضعيف لا يقاوم ما ثبت في الصحيح (بصوم يوم ولا يومين إلا رجل) كذا في نسخ بلوغ المرام ولفظه في البخاري إلا أن يكون رجل قال المصنف : يكون تامة أي يوجد رجل وفظ مسلم إلا رجلا قلت: وهو قياس العربية لأنه استثناء متصل من مذكور (كان يصوم صوما فليصمه متفق عليه). الحديث دليل على تحريم صوم يوم أو يومين قبل رمضان، قال الترمذي بعد رواية الحديث: والعمل على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يتعجل الرجل الصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان انتهى.
وقوله: لمعنى رمضان تقييد للنهي بأنه مشروط بكون الصوم احتياطا، لا لو كان الصوم صوما مطلقا كالنفل المطلق والنذر ونحوه. قلت: ولا يخفى أنه يعد هذا التقييد يلزم منه جواز تقدم رمضان بأي صوم كان وهو خلاف طاهر النهي فإنه عام لم يستثن منه إلا صوم من اعتاد صوم أيام معلومة ووافق ذلك آخر يوم من شعبان، ولو أراد صلى الله عليه وسلم الصوم المقيد بما ذكر لقال: إلا متنفلا أو نحو هذا اللفظ. وإنما نهى عن تقديم رمضان لان الشارع قد علق الدخول في صوم رمضان برؤية هلاله، فالمتقدم عليه مخالف للنص أمرا ونهيا. وفيه إبطال لما يفعله الباطنية من تقدم الصوم بيوم أو يومين قبل رؤية هلال رمضان، وزعمهم أن اللام في قوله صوموا لرؤيته: في معنى مستقبلين لها، وذلك لان الحدث يفيد أن اللام لا يصح حملها عن هذا المعنى، وإن وردت له في موضع. وذهب بعض العلماء إلى أن النهي عن الصوم من بعد النصف الأول من يوم سادس عشر من شعبان لحديث أي هريرة مرفوعا إذا انتصف شعبان فلا تصوموا أخرجه أصحاب السنن وغيرهم. وقيل: إنه يكره بعد الانتصاف ويحرم قبل رمضان بيوم أو يومين. وقال آخرون: يجوز من بعد انتصافه ويحرم قبله بيوم أو يومين. أما جواز الأول فلانه الأصل وحديث أبي هريرة ضعيف، قال أحمد وابن معين: إنه منكر. وأما تحريم الثاني فلحديث الكتاب وهو قول حسن.
وعن عمار بن ياسر رضي (وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: من صام اليوم الذي يشك) مغير الصيغة مسند إلى (فيه فقد عصى أبا القاسم (ص). ذكره البخاري تعليقا ووصله) إلى عمار، وزاد المصنف