، أو أن بيان الحكم في حق الرجل يثبت الحكم في المرأة أيضا لما علم من تعميم الاحكام، أو أنه عرف فقرها كما ظهر من حال زوجها.
واعلم أن هذا حديث جليل كثير الفوائد قال المصنف في فتح الباري: إنه قد اعتنى بعض المتأخرين ممن أدرك شيوخنا بهذا الحديث فتكلم عليه فمجلدين جمع فيهما ألف فائدة وفائدة انتهى وما ذكرناه فيه كفاية لما فيه من الاحكام وقد طول الشارح فيه ناقلا من فتح الباري.
(وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن النبي (ص) كان يصبح جنبا من جماع ثم يغتسل ويصوم متفق عليه، وزاد مسلم في حديث أم سلمة ولا يقضي . فيه دليل على صحة صوم من أصبح أي دخل في الصباح وهو جنب من جماع وإلى هذا ذهب الجمهور. وقال النووي: إنه إجماع. وقد عارضه ما أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) إذا نودي للصلاة صلاة الصبح وأحدكم جنب فلا يصم يومه وأجاب الجمهور بأنه منسوخ وأن أبا هريرة رجع عنه لما روي له حديث عائشة وأم سلمة وأفتى بقولهما. ويدل للنسخ ما أخرجه مسلم وابن حبان وابن خزيمة عن عائشة أن رجلا جاء إلى النبي (ص) يستفتيه وهي تسمع من وراء حجاب فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة أي صلاة الصبح وأنا جنب فقال النبي (ص): وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم. قال: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي وقد ذهب إلى النسخ ابن المنذر والخطابي وغيرهما. وهذا الحديث يدفع قول من قال إن ذلك كان خاصا به (ص). ورد البخاري حديث أبي هريرة بأن حديث عائشة أقوى سندا حتى قال ابن عبد البر: إنه صح وتواتر. وأما حديث أبي هريرة فأكثر الروايات أنه كان يفتي به ورواية الرفع أقل ومع التعارض يرجح لقوة الطريق.
(وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص) قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه متفق عليه. فيه دليل على أنه يجزئ الميت صيام وليه عنه إذا ما مات وعليه صوم واجب. والاخبار في معنى الامر أي ليصم عنه وليه والأصل فيه الوجوب إلا أنه قد ادعى الاجماع على أنه للندب. والمراد في الولي: كل قريب، وقيل : الوارث خاصة، وقيل: عصبته، وفي المسألة خلاف: فقال أصحاب الحديث وأبو ثور وجماعة : إنه يجزئ صوم الولي عن الميت لهذا الحديث الصحيح. وذهبت جماعة من الآل ومالك وأبو حنيفة: أنه لا صيام عن الميت وإنما الواجب الكفارة، لما أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعا من مات وعليه صيام أطعم عنه مكان كل يوم مسكين إلا أنه قال بعد اخراجه:
غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والصحيح أنه موقوف على ابن عمر. قالوا: ولأنه ورد عن ابن عباس وعائشة الفتيا بالاطعام، ولأنه الموافق لسائر العبادات فإنه لا يقوم بها مكلف عن مكلف، والحج مخصوص. وأجيب بأن الآثار المروية عن فتيا عائشة وابن عباس لا تقاوم