حفصة كان رسول الله (ص) يصوم في كل شهر ثلاثة أيام: الاثنين والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى ولا معارضة هذه الأحاديث فإنها كلها دالة على ندبية صوم كل ما ورد، وكل من الرواة حكى ما اطلع عليه إلا أن ما أمر به وحث عليه ووصى به أولى وأفضل. وأما فعله صلى الله عليه وسلم فلعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك ، وقد عين الشارع أيام البيض وللعلماء في تعيين الثلاثة الأيام التي يندب صومها من كل شهر أقوال عشرة سردها في الشرح.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: لا يحل للمرأة) أي المزوجة بدليل قوله (أن تصوم وزوجها شاهد) أي حاضر (إلا بإذنه متفق عليه واللفظ للبخاري زاد أبو داود غير رمضان). فيه دليل على أن الوفاء بحق الزوج أولى من التطوع بالصوم، وأما رمضان فإنه يجب عليها وإن كره الزوج، ويقاس عليه القضاء فلو صامت النفل بغير إذنه كانت فاعلة لمحرم.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله (ص) نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم النحر متفق عليه. فيه دليل على تحريم صوم هذين اليومين، لان أصل النهي التحريم وإليه ذهب الجمهور فلو نذر صومهما لم ينعقد نذره في الأظهر لأنه نذر بمعصية، وقيل: يصوم مكانهما عنهما.
(وعن نبيشة) بضم النون وفتح الباء الموحدة وسكون المثناة التحتية وشين معجمة يقال له نبيشة الخير ابن عمرو وقيل: ابن عبد الله (الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد النحر، وقيل يومان بعد النحر أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل رواه مسلم). وأخرجه مسلم أيضا من حديث كعب بن مالك، وابن حبان من حديث أبي هريرة، والنسائي من حديث بشر بن سحيم، وأصحاب السنن من حديث عقبة بن عامر، والبزار من حديث ابن عمر: أيام التشريق أيام أكل وشرب وصلاة فلا يصومها أحد. وأخرج أبو داود من حديث عمر في قصته: أنه (ص) كان يأمرهم بافطارها وينهاهم عن صيامها أي أيام التشريق . وأخرج الدارقطني من حديث عبد الله بن حذافة السمي: أيام التشريق أيام أكل وشرب وبعال البعال مواقعة النساء. والحديث وما سقناه في معناه دال على النهي عن الصوم أيام التشريق وإنما اختلف هل هو نهي تحريم أو تنزيه فذهب إلى أنه للتحريم مطلقا جماعة من السلف وغيرهم وإليه ذهب الشافعي في المشهور وهؤلاء قالوا: لا يصومها المتمتع ولا غيره وجعلوه مخصصا لقوله تعالى: * (ثلاثة أيام في الحج) * لان الآية عامة فيما قبل يوم النحر وما بعده والحديث خاص بأيام التشريق وأن كان فيه عموم بالنظر إلى الحج وغيره، فيرجع خصوصها لكونه مقصودا بالدلالة على أنها ليست محلا للصوم، وأن ذاتها باعتبار ما هي مؤهلة له كأنها منافية للصوم. وذهبت الهادوية: إلى أنه يصومها المتمتع الفاقد للهدي، كما يفيده سياق الآية، ورواية ذلك عن علي عليه السلام قالوا: ولا يصومها القارن والمحصر إذا