عليه، وبذاذة الهيئة سؤال وإظهار للفقر بلسان الحال ولذا قيل: ولسان حالي بالشكاية أنطق، وقيل وكفاك شاهد منظري عن مخبري.
(وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس) بضم اللام (القسي) بفتح القاف وتشديد المهملة بعدها ياء النسبة وقيل: إن المحدثين يكسرون القاف وأهل مصر يفتحونها وهي نسبة إلى بلد يقال لها القس، وقد فسر القسي في الحديث بأنها ثياب مضلعة يؤتى بها من مصر والشام هكذا في مسلم وفي البخاري فيها حرير أمثال الأترج (والمعصفر. رواه مسلم) هو المصبوغ بالعصفر. فالنهي في الأول للتحريم إن كان حريره أكثر وإلا فإنه للتنزيه والكراهة وأما في الثاني فالأصل في النهي أيضا التحريم وإليه ذهب الهادوية. وذهب جماهير الصحابة والتابعين إلى جواز لبس المعصفر وبه قال الفقهاء غير أحمد، وقيل مكروه تنزيها، قالوا: لأنه لبس (ص) حلة حمراء، وفي الصحيحين عن ابن عمر رأيت رسول الله (ص) يصبغ بالصفرة. وقد رد ابن القيم القول بأنها حلة حمراء بحتا وقال: إن الحلة الحمراء بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط وأما الأحمر البحت فمنهي عنه أشد النهي ففي الصحيحين أنه (ص) نهى عن المياثر الحمر.
ولكن الحديث وهو قوله:
(وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: رأى علي النبي (ص) ثوبين معصفرين فقال: أمك أمرتك بهذا؟ رواه مسلم) دليل على تحريم المعصفر معضد للنهي الأول ويزيده قوة في الدلالة تمام هذا الحديث عند مسلم قلت: أغسلهما يا رسول الله؟ قال: بل أحرقهما. وفي رواية إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها وأخرجه أبو داود والنسائي.
وفي قوله: أمك أمرتك إعلان بأنه لباس النساء وزينتهن وأخلاقهن. وفيه حجة على العقوبة بإتلاف المال وهو - أي أمر ابن عمرو بتحريقها - يعارض حديث علي عليه السلام ، وأمره بأن يشقها بين نسائه كما في رواية قدمناها فينظر في وجه الجمع إلا أن في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو: أنه (ص) رأى عليه ريطة مضرجة بالعصفر فقال: ما هذه الريطة التي عليك؟ قال: فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورا لهم، فقذفتها فيه ثم أتيته من الغد فقال: يا عبد الله ما فعلت الريطة؟ فأخبرته فقال:
ألا كسوتها بعض أهلك فإنه لا بأس به للنساء فهذا يدل على أنه أحرقها من غير أمر من النبي (ص) فلو صحت هذه الرواية لزال التعارض بينه وبين حديث علي عليه السلام لكنه يبقى التعارض بين روايتي ابن عمرو وقد يقال: إنه (ص) أمر أولا بإحراقها ندبا ثم لما أحرقها قال له (ص): لو كسوتها بعض أهلك إعلاما له بأن هذا كان كافيا عن إحراقها لو فعله وأن الامر للندب. وقال القاضي عياض في شرح مسلم : أمره (ص) بإحراقها من باب التغليظ أو العقوبة.
(وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها أخرجت جبة رسول الله (ص)