(وعن طلحة بن عبد الله بن عوف) أي الخزاعي (قال: صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: لتعلموا أنها سنة رواه البخاري) وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه والنسائي بلفظ فأخذت بيده فسألته عن ذلك فقال: نعم يا ابن أخي إنه حق وسنة وأخرج النسائي أيضا من طريق أخرى بلفظ فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت بيده فسألته فقال: سنة وحق وقد روى الترمذي عن ابن عباس: أنه (ص) قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. ثم قال لا يصح هذا. والصحيح عن ابن عباس قوله: من السنة. قال الحاكم: أجمعوا على أن قول الصحابي من السنة حديث مسند قال المصنف: كذا نقل الاجماع مع أن الخلاف عند أهل الحديث وعند الأصوليين شهير. والحديث دليل على وجوب قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة لان المراد من السنة الطريقة المألوفة عنه (ص) لا أن المراد بها ما يقابل الفريضة فإنه اصطلاح عرفي. وزاد الوجوب تأكيدا قوله: حق أي ثابت. وقد أخرج ابن ماجة من حديث أم شريك قالت: أمرنا رسول الله (ص) أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. وفي إسناده ضعف يسير يجبره حديث ابن عباس. والامر من أدلة الوجوب، وإلى وجوبها ذهب الشافعي وأحمد وغيرهما من السلف والخلف. وذهب آخرون إلى عدم مشروعيتها لقول ابن مسعود: لم يوقت لنا رسول الله (ص) قراءة في صلاة الجنازة بل قال: كبر إذا كبر الامام واختر من أطايب الكلام ما شئت إلا أنه لم يعزه إلى كتاب حديثي حتى تعرف صحته من عدمها ثم هو قول صحابي على أنه ناف وابن عباس مثبت وهو مقدم. وعن الهادي وجماعة من الآل أن القراءة سنة عملا بقول ابن عباس سنة وقد عرفت المراد بها في لفظه. واستدل للوجوب بأنهم اتفقوا أنها صلاة وقد ثبت حديث لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فهي داخلة تحت العموم وإخراجها منه يحتاج إلى دليل.
وأما موضع قراءة الفاتحة فإنه بعد التكبيرة الأولى ثم يكبر فيصلي على النبي (ص) ثم يكبر فيدعو للميت وكيفية الدعاء قد أفادها قوله: (وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: صلى رسول الله (ص) على جنازة فحفظت من دعائه اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وأدخله الجنة، وقه فتنة القبر وعذاب النار رواه مسلم) يحتمل أنه (ص) جهر به فحفظه ويحتمل أنه سأله ما قاله فذكره له فحفظه. وقد قال الفقهاء: يندب الاسرار، ومنهم من قال يخير، ومنهم من قال: يسر في النهار ويجهر في الليل . وفي الدعاء ينبغي الاخلاص فيه لقوله (ص): أخلصوا له الدعاء وما ثبت عنه (ص) أولى. وأصح الأحاديث الواردة في ذلك هذا الحديث وكذلك قوله: