أهل الشام لاختلاف المطالع في الشام والحجاز، أو أنه لما كان المخبر واحدا لم يعمل بشهادته ، وليس فيه أنه أمر كريبا بالعمل بخلاف يقين نفسه فإنما أخبر عن أهل المدينة وأنهم لا يعملون بذلك لاحد الامرين.
(وعن أبي عمير) هو أبو عمير (ابن أنس بن مالك رضي الله عنهما) الأنصاري يقال : إن اسمه عبد الله وهو من صغار التابعين روى عن جماعة من الصحابة وعمر بعد أبيه زمانا طويلا (عن عمومة له من أصحاب النبي (ص) أن ركبا جاءوا إلى النبي (ص) يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم) النبي صلى الله عليه وسلم (أن يفطروا وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم. رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه وإسناده صحيح) وأخرجه النسائي وابن ماجة وصححه ابن المنذر وابن السكن وابن حزم. وقول ابن عبد البر إن والحديث دليل على أن صلاة أبا عمير مجهول مردود بأنه قد عرفه من صحح له الحديث تصلى في اليوم الثاني حيث انكشف العيد بعد خروج وقت الصلاة.
وظاهر الحديث الاطلاق بالنظر إلى وقت الصلاة، وأنه وإن كان وقتها باقيا حيث لم يكن ذلك معلوما من أول اليوم، وقد ذهب إلى العمل به الهادي والقاسم وأبو حنيفة لكن شرط أن لا يعلم إلا وقد خرج وقتها فإنها تقضى في اليوم الثاني فقط في الوقت الذي تؤدى فيه في يومها، قال أبو طالب: بشرط أن يترك اللبس كما ورد في الحديث، وغيره يعمم العذر سواء كان للبس أو لمطر وهو مصرح به في كتب الحنفية قياسا لغير اللبس عليه. ثم ظاهر الحديث أنها أداء قضاء. وذهب مالك أنها لا تقضى مطلقا كما لا تقضى في يومها. وللشافعية تفاصيل أخر ذكرها في الشرح وهذا الحديث ورد في عيد الافطار وقاسوا عليه الأضحى وفي الترك للبس وقاسوا عليه سائر الاعذار وفي القياس نظر إذا لم يتعين معرفة الجامع والله أعلم.
(وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو) أي يخرج وقت الغداة (يوم الفطر) أي إلى المصلى (حتى يأكل تمرات. أخرجه البخاري، وفي رواية معلقة) أي للبخاري علقها عن أنس (ووصلها أحمد ويأكلهن أفرادا) وأخرجه البخاري في تاريخه وابن حبان والحاكم من رواية عتبة بن حميد عنه بلفظ: حتى يأكل تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل من ذلك أو أكثر وترا. والحديث يدل على مداومته (ص) على ذلك. قال المهلب: الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد فكأنه أراد سد هذه الذريعة، وقيل لما وقع وجوب الفطر عقيب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله. قال ابن قدامة: ولا نعلم في استحباب تعجيل الأكل في هذا اليوم قبل الصلاة خلافا. قال المصنف في الفتح:
والحكمة في استحباب التمر ما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم، أو لان الحلو مما يوافق الايمان ويعبر به المنام ويرقق القلب ومن ثمة استحب بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقا. قال المهلب: وأما جعلهن وترا فالإشارة إلى الوحدانية، وكذلك كان يفعل (ص) في جميع أموره تبركا بذلك.
(وعن ابن بريدة) رضي الله عنه) بضم الموحدة وفتح الراء وسكون المثناة التحتية ودال مهملة