في الفتح: الحاكم وأنهم وصلوه من طريق عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عنه ولفظه عندهم كنا عند عمار بن ياسر فأتي بشاة مصلية فقال: كلوا فتنحى بعض القوم فقال: إني صائم فقال عمار: من صام.. الخ (الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان) قال وابن عبد البر:
هو مسند عندهم لا يختلفون في ذلك انتهى. وهو موقوف لفظا مرفوع حكما، ومعناه مستفاد من أحاديث النهي عن استقبال رمضان بصوم، وأحاديث الامر بالصوم لرؤيته.
والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه وإليه ذهب الشافعي، واختلف الصحابة في ذلك، منهم من قال بجواز صومه، ومنعم من منع منه وعده عصيانا لأبي القاسم، والأدلة مع المحرمين. وأما ما أخرجه الشافعي عن فاطمة بنت الحسين أن عليا عليه السلام قال: لان أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان. فهو أثر منقطع. على أنه ليس في يوم شك مجرد، بل بعد أن شهد عنده رجل على رؤية الهلال فصام وأمر الناس بالصيام وقال: لان أصوم إلخ. ومما هو نص في الباب حديث ابن عباس فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالا أخرجه أحمد وأصحاب النبي وابن خزيمة وأبو يعلى، وأخرجه الطيالسي بلفظ ولا تستقبلوا رمضان بيوم من شعبان وأخرجه الدارقطني وصححه ابن خزيمة في صحيحه، ولأبي داود من حديث عائشة كان رسول الله (ص) يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره يصوم لرؤية الهلال أي هلال رمضان فإن غم عليه عدد ثلاثين يوما ثم صام وأخرج أبو داود من حديث حذيفة مرفوعا لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة وفي الباب أحاديث واسعة دالة على تحريم صوم يوم الشك من ذلك قوله:
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله (ص) يقول:
إذا رأيتموه) أي الهلال (فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم) بضم الغين المعجمة وتشديد الميم أي حال بينكم وبينه غيم (علكيم فاقدروا له متفق عليه) . الحديث دليل على وجوب صوم رمضان لرؤية هلاله، وإفطار أول يوم من شوال لرؤية الهلال. وظاهره اشتراط رؤية الجميع له من المخاطبين لكن قام الاجماع على عدم وجوب ذلك بل المراد ما يثبت به الحكم الشرعي من إخبار الواحد العدل أن الاثنين على خلاف في ذلك. فمعنى إذا رأيتموه أي إذا وجدت فيما بينكم الرؤية، فيدل هذا على أن رؤية بلد رؤية لجميع أهل البلاد فيلزم الحكم. وقيل: لا يعتبر لان قوله إذا رأيتموه خطاب لأناس مخصوصين به وفي المسألة أقوال ليس على أحدها دليل ناهض، والأقرب لزوم أهل بلد الرؤية وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها. وفي قوله: لرؤيته دليل على أن الواحد إذا انفرد برؤية الهلال لزمه الصوم والافطار وهو قول أئمة الآل وأئمة المذاهب الأربعة في الصوم، واختلفوا في الافطار فقال الشافعي: يفطر ويخفيه. وقال الأكثر: يستمر صائما احتياطا، كذا قاله في الشرح. ولكنه تقدم له في أول باب صلاة العيدين أنه لم يقل