وغيرهما عن ابن عمر يرفعه لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. ويجاب عنه بأن المنهي عنه أن يصلي كذلك على أنهما فريضة لا على أن إحداهما نافلة، أو المراد لا يصليهما مرتين منفردا.
ثم ظاهر حديث الباب عموم ذلك في الصلوات كلها وإليه ذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة:
لا يعاد إلا الظهر والعشاء أما الصبح والعصر فلا. للنهي عن الصلاة بعدهما وأما المغرب فلأنها وتر النهار فلو أعادها صارت شفعا. وقال مالك: إذا كان صلاها في جماعة لم يعدها وإن كان صلاها منفردا أعادها. والحديث ظاهر في خلاف ما قاله أبو حنيفة ومالك بل في حديث يزيد بن الأسود أن ذلك كان في صلاة الصبح فيكون أظهر في رد ما قاله أبو حنيفة ويخص به عموم النهي عن الصلاة في الوقتين.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر) أي للاحرام أو مطلقا فيشمل تكبير النقل (فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر) زاده تأكيدا لما أفاده مفهوم الشرط كما في سائر الجمل الآتية : (وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع) أي حتى يأخذ من الركوع لا حتى يفرغ منه كما يتبادر من اللفظ (وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد) أخذ في السجود (فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد وإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى قاعدا) لعذر (فصلوا قعودا أجمعين) هكذا بالنصب على الحال وهي رواية في البخاري وأكثر الروايات على أجمعون بالرفع تأكيدا لضمير الجمع (رواه أبو داود وهذا لفظه وأصله في الصحيحين). إنما يفيد جعل الامام مقصورا على الاتصاف بكونه مؤتما به لا يتجاوزه المؤتم إلى مخالفته. والائتمام: الاقتداء والاتباع. والحديث دل على أن شرعية الإمامة ليقتدى بالامام، ومن شأن التابع والمأموم أن لا يتقدم متبوعه، ولا يساويه، ولا يتقد عليه في موقفه، بل يراقب أحواله ويأتي على أثرها بنحو فعله، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شئ من الأحوال، وقد فصل الحديث ذلك بقوله فإذا كبر إلى آخره. ويقاس ما لم يذكر من أحواله كالتسليم على ما ذكر فمن خالفه في شئ مما ذكر فقد أثم ولا تفسد صلاته بذلك، إلا أنه إن خالف في تكبيرة الاحرام بتقديمها على تكبيرة الامام فإنها لا تنعقد معه صلاته لأنه لم يجعله إماما إذ الدخول بها بعده وهي عنوان الاقتداء به واتخاذه إماما.
واستدل على عدم فساد الصلاة بمخالفته لامامه لأنه (ص) توعد من سابق الامام في ركوعه أو سجوده بأن الله يجعل رأسه رأس حمار ولم يأمره بإعادة صلاته ولا قال فإنه لا صلاة له. ثم الحديث لم يشترط المساواة في النية فدل أنها إذا اختلفت نية الإمام والمأموم كأن ينوي أحدهما فرضا والآخر نفلا أو ينوي هذا عصرا والآخر ظهرا أنها تصح الصلاة جماعة وإليه ذهبت الشافعية. - ويأتي الكلام على ذلك في حديث جابر في صلاة معاذ -. وقوله : إذا قال سمع الله لمن حمده يدل أنه الذي يقوله الامام ويقول المأموم: اللهم ربنا لك الحمد ، وقد ورد بزيادة الواو وورد بحذف اللهم والكل جائز، والأرجح العمل بزيادة اللهم وزيادة