صلاة الجنازة لا يخص منه أحد من أهل كلمة الشهادة إلا بدليل. فأما الصلاة خلف من قال لا إله إلا الله فقد قدمنا الكلام في ذلك وأنه لا دليل على اشتراط العدالة وأن من صحت صلاته صحت إمامته.
(وعن علي رضي الله عنه قال: قال النبي (ص): إذا أتى أحدكم الصلاة والامام على حال فليصنع كما يصنع الامام رواه الترمذي بإسناد ضعيف) أخرجه الترمذي من حديث علي ومعاذ وفيه ضعف وانقطاع وقال: لا نعلم أحدا أسنده إلا من هذا الوجه وقد أخرجه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
حدثنا أصحابنا. الحديث. وفيه أن معاذا قال: لا أراه على حال إلا كنت عليها. وبهذا يندفع الانقطاع، إذا الظاهر أن الراوي لعبد الرحمن غير معاذ بل جماعة من الصحابة والانقطاع إنما ادعي بين عبد الرحمن ومعاذ، قالوا: لان عبد الرحمن لم يسمع من معاذ وقد سمع من غيره من الصحابة وقال هنا أصحابنا والمراد به الصحابة رضي الله عنهم. وفي الحديث دلالة على أنه يجب على من لحق بالامام أن ينضم إليه في أي جزء كان من أجزاء الصلاة: فإذا كان الامام قائما أو راكعا، فإنه يعتد بما أدركه معكما سلف، فإذا كان قاعدا أو ساجدا قعد بقعود وسجد بسجوده ولا يعتد بذلك، وتقدم ما يؤيده من حديث ابن أبي شيبة. ومن وجدني قائما أو راكعا أو ساجدا فليكن معي على حالتي التي أنا عليها. وأخرج ابن خزيمة مرفوعا عن أبي هريرة إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة وأخرج أيضا فيه مرفوعا عن أبي هريرة: ومن أدرك ركعة من الصلاة قبل أن يقيم الامام صلبه فقد أدركها وترجم له باب ذكر الوقت الذي يكون فيه المأموم مدركا للركعة إذا ركع إمامه. وقوله فليصنع كما يصنع الامام ليس صريحا أنه يدخل معه بتكبيرة الاحرام بل ينضم إليه إما بها إذا كان قائما أو راكعا فيكبر اللاحق من القيام ثم يركع أو بالكون معه فقط ومتى قام كبر للاحرام، وغايته أنه يحتمل ذلك إلا أن شرعية تكبيرة الاحرام حال القيام للمنفرد والامام، يقضي أن لا تجزئ إلا كذلك، وذلك أصرح من دخولها بالاحتمال والله أعلم.
(فائدة) في الاعذار في ترك الجماعة: أخرج الشيخان عن ابن عمر عن النبي (ص) : أنه كان يأمر المنادي فينادي صلوا في رحالكم في الليلة الباردة وفي الليلة المطيرة في السفر. وعن جابر: خرجنا مع رسول الله (ص) في سفر فمطرنا فقال ليصل من شاء منكم في رحله. رواه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه. وأخرجه الشيخان عن ابن عباس: أنه قال لمؤذنه في يوم مطير إذا قلت: أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل: حي على الصلاة. قل: صلوا في بيوتكم. قال: فكأن الناس استنكروا ذلك فقال: أتعجبون من ذا؟
فقد فعل ذا من هو خير مني يعني - النبي (ص) - وعند مسلم: أن ابن عباس أمر مؤذنه في يوم جمعة في يوم مطير بنحوه. وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص): إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه