خص الفقراء لكونهم الغالب في ذلك فلا دليل على ما ذكر ولعله أريد بالفقير من يحل إليه الصرف فيدخل المسكين عند من يقول إن المسكين أعلى حالا من الفقير، ومن قال بالعكس فالامر واضح.
(وعن أنس أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له) لما وجهه إلى البحرين عاملا (هذه فريضة الصدقة) أي نسخة فريضة الصدقة حذف المضاف للعلم به وفيه جواز إطلاق الصدقة على الزكاة خلافا لمن منع ذلك.
واعلم أن في البخاري تصدير الكتاب هذا ببسم الله الرحمن الرحيم (التي فرضها رسول الله (ص) على المسلمين) فيه دلالة على أن الحديث مرفوع، والمراد بفرضها قدرها لان وجوبها ثابت بنص القرآن كما يدل له قوله: (والتي أمر الله بها رسوله) أي أنه تعالى أمره بتقدير أنواعها وأجناسها والقدر المخرج منها كما بينه التفصيل بقوله: (في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم) هو مبتدأ مؤخر وخبره قوله في كل أربع وعشرين إلى فما دونها (في كل خمس شاة) فيها تعيين اخراج الغنم في مثل ذلك وهو قول مالك وأحمد ، فلو أخرج بعيرا لم يجز. وقال الجمهور: يجزيه قالوا: لان الأصل أن تجب من جنس المال ، وإنما عدل عنه فقال بالمالك، فإذا رجع باختياره إلى الأصل أجزأه، إن كانت قيمة البعير الذي يخرجه دون قيمة الأربع الشياه ففيه خلاف عند الشافعية وغيرهم، قال المصنف في الفتح: والأقيس أن لا يجزئ، (فإذا بلغت) أي الإبل، (خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى) زاده تأكيدا وإلا فقد علمت والمخاض بفتح الميم وتخفيف المعجمة آخره معجمة وهي من الإبل ما استكمل السنة الأولى ودخل في الثانية إلى آخرها سمي بذلك ذكرا كان أو أنثى لان أمه من المخاض أي الحوامل لا واحد له من لفظه والماخض الحامل التي دخل وقت حملها، وإن لم تحمل وضمير فيها للإبل التي بلغت خمسا وعشرين فإنها تجب فيها بنت مخاض من حين تبلغ عدتها خمسا وعشرين إلى أن تنتهي إلى خمس وثلاثين، وبهذا قال الجمهور، وروي عن علي عليه السلام أنه يجب في الخمس والعشرين خمس شياه لحديث مرفوع ورد بذلك، وحديث موقوف عن علي عليه السلام، ولكن المرفوع ضعيف والموقوف ليس بحجة فلذا لم يقل به الجمهور، (فإن لم تكن) أي توجد (فابن لبون ذكر) هو من الإبل ما تستكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة إلى تمامها سمي بذلك لان أمه ذات لبن، ويقال: بنت اللبون للأنثى وإنما زاد قوله: ذكر مع قوله ابن لبون للتأكيد كما لبون أنثى فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة) بكسر الحاء المهملة وتشديد القاف، وهي من الإبل ما استكمل السنة الثالثة ودخل في الرابعة إلى تمامها ويقال للذكر حق سميت بذلك لاستحقاقها أن يحمل عليها ويركبها الفحل، ولذلك قال : (طروق الجمل) بفتح أوله أي مطروقته فعولة بمعنى مفعولة، والمراد من شأنها أن تقبل