ولضيفه حقا ولقوله: أما أنا فأصوم وأفطر فمن رغب عن سنتي فليس مني. فالتحريم هو الأوجه دليلا ومن أدلته ما أخرجه أحمد والنسائي وابن خزيمة من حديث أبي موسى مرفوعا من صام الدهر ضيقت عليه جهنم وعقد بيده. قال الجمهور: ويستحب صوم الدهر لمن لا يضعفه عن حق وتأولوا أحاديث النهي تأويلا غير راجح، واستدلوا بأنه (ص) شبه صوم ست من شوال مع رمضان وشبه صوم ثلاثة أيام من كل شهر بصوم الدهر فلولا أن صاحبه يستحق الثواب لما شبه به. وأجيب: بأن ذلك على تقدير مشروعيته فإنها تغني عنه كما أغنت الخمس الصلوات عن الخمسين التي قد كانت فرضت مع أنه لو صلاها أحد لوجوبها لم يستحق ثوابا بل يستحق العقاب نعم أخرج ابن السني من حديث أبي هريرة مرفوعا من صام الدهر فقد وهب نفسه من الله عز وجل إلا أنا لا ندري ما صحته.
باب الاعتكاف وقيام رمضان الاعتكاف لغة: لزوم الشئ وحبس النفس عليه، وشرعا: المقام في المسجد من شخص مخصوص على صفة مخصوصة وقيام رمضان أي قيام لياليه مصليا أو تاليا. قال النووي: قيام رمضان يحصل بصلاة التراويح وهو إشارة إلى أنه لا يشترط استغراق كل الليل بصلاة النافلة فيه ويأتي ما في كلام النووي.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: من قام رمضان إيمانا) أي تصديقا بوعد الله للثواب (واحتسابا) منصوب على أنه مفعول لأجله ، كالذي عطف عليه أي طلبا لوجه الله وثوابه، والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العدد ، وإنما قيل فيمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأنه له حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به قاله في النهاية (غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه) يحتمل أنه يريد قيام جميع لياليه وأن من قام بعضها لا يحصل له ما ذكره من المغفرة، وهو الظاهر، وإطلاق الذنب شامل للكبائر والصغائر. وقال النووي: المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه جزم إمام الحرمين، ونسبه عياض لأهل السنة، وهو مبني على أنها لا تغفر الكبائر إلا بالتوبة . وقد زاد النسائي في روايته ما تقدم وما تأخر وقد أخرجها أحمد، وأخرجت من طريق مالك وتقدم معنى مغفرة الذنب المتأخر. والحديث دليل على فضيلة قيام رمضان، والذي يظهر أنه يحصل بصلاة الوتر إحدى عشرة ركعة، كما كان (ص) يفعل في رمضان وغيره كما سلف في حديث عائشة. وأما التراويح على ما اعتيد الآن فلم تقع في عصره (ص) إنما كان ابتدعها عمر في خلافته وأمر أبيا أن يجمع بالناس واختلف في القدر الذي