إنما سن رسول الله (ص) الزكاة في هذه الأربعة - فذكرها قال أبو زرعة: إنه مرسل. والحديث دليل على أنه لا تجب الزكاة إلا في الأربعة المذكورة لا غير وإلى ذلك ذهب الحسن البصري والحسن بن صالح والثوري والشعبي وابن سيرين وروي عن أحمد ، ولا يجب عندهم في الذرة ونحوها. وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فذكر الأربعة وفيه زيادة الذرة رواه الدارقطني من دون ذكر الذرة، وابن ماجة بذكرها فقد قال المصنف: إنه حديث واه، وفي الباب مراسيل فيها ذكر الذرة قال البيهقي: إنه يقوى بعضها بعضا كذا قال، والأظهر أنها لا تقاوم حديث الكتاب وما فيه من الحصر. وقد ألحق الشافعي الذرة بالقياس على الأربعة المذكورة بجامع الاقتيات في الاختيار، واحترز بالاختيار عما يقتات في المجاعات فإنها لا تجب فيه، فمن كان رأيه العمل بالقياس لزمه، هذا إن قام الدليل على أن العلة الاقتيات ومن لا يراه دليلا لم يقل به. وذهب الهادوية إلى إنها تجب في كل ما أخرجت الأرض لعموم الأدلة نحو فيما سقت السماء العشر إلا الحشيش والحطب لقوله صلى الله عليه وسلم: الناس شركاء في ثلاث وقاسوا الحطب على الحشيش قال الشارح:
والحديث أي حديث معاذ وأبي موسى وارد على الجميع، والظاهر مع من قال به. قلت: لأنه حصر لا يقاومه العموم ولا القياس، وبه يعرف أنه لا يقاومه حديث خذ الحب من الحب الحديث أخرجه أبو داود لأنه عموم، فالأوضح دليلا مع الحاضرين للوجوب في الأربعة ، وقال في المنار: إن ما عدا الأربعة محل احتياط أخذا وتركا، والذي يقوى أنه لا يؤخذ من غيرها. قلت: الأصل المقطوع به حرمة مال المسلم ولا يخرج عنه إلا بدليل قاطع وهذا المذكور لا يرفع ذلك الأصل وأيضا فالأصل براءة الذمة وهذان الأصلان لم يرفعهما ذليل يقاومهما فليس محل الاحتياط إلا ترك الاخذ من الذرة وغيرها مما لم يأت به إلا مجرد العموم الذي قد ثبت تخصيصه.
(وللدارقطني عن معاذ رضي الله عنه قال: فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب) بالقاف والصاد المهملة والضاد المعجمة معا (فعفو عفا عنه رسول الله (ص). وإسناده ضعيف) لان في إسناده محمد بن عبد الله العزرمي بفتح العين المهملة وسكون الزاي وفتح الراء كذا في حواشي بلوغ المرام بخط السيد محمد بن إبراهيم بن المفضل رحمه الله، والذي في الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل عبد الله بن عمرو عن نبات الأرض البقل والقثاء والخيار فقال: ليس في البقول زكاة فهذا الذي من رواية محمد بن عبيد الله العرزمي، وأما رواية معاذ التي في الكتاب فقال المصنف في التلخيص: فيها ضعف وانقطاع إلا أن معناه قد أفاده الحصر في الأربعة الأشياء المذكورة في الحديث الأول وحديث ليس في الخضروات صدقة أخرجه الدارقطني مرفوعا من طريق موسى بن طلحة عن معاذ. وقول الترمذي لم يصح رفعه: إنما يريد المرسل من حديث موسى بن طلحة عن النبي (ص). فموسى بن طلحة تابعي عدل يلزم من يقبل المراسيل قبول ما أرسله. وقد ثبت عن علي وعمر موقوفا وله حكم الرفع. والخضروات ما لا يكال ولا يقتات