وذهب الهادي إلى أن القراءة قبلها فيهما واستدل له في البحر بما لا يتم دليلا وذهب الباقر وأبو حنيفة إلى أنه يقدم التكبير في الأولى ويؤخر في الثانية ليوالي بين القراءتين.
واعلم أن قول المصنف أنه نقل الترمذي عن البخاري تصحيحه. وقال في تلخيص الحبير:
إنه قال البخاري والترمذي: إنه أصح شئ في هذا الباب، فلا أدري من أي نقله عن الترمذي فإن الترمذي لم يخرج في سننه رواية عمرو بن شعيب أصلا بل أخرج رواية كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده، وقال: حديث جد كثير أحسن شئ روي في هذا الباب عن النبي (ص)، وقال: وفي الباب عن عائشة وابن عمر و عبد الله بن عمرو ولم يذكر عن البخاري شيئا، وقد وقع البيهقي في السنن الكبرى هذا الوهم بعينه إلا أنه ذكره بعد روايته لحديث كثير فقال: قال أبو عيسى: سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث، فقال: ليس في هذا الباب شئ أصح منه قال: وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذا الباب هو صحيح أيضا، انتهى كلام البيهقي. ولم نجد في الترمذي شيئا مما ذكره، وقد نبه في تنقيح الانظار على شئ من هذا، وقال: والعجب أن ابن النحوي ذكر في خلاصته عن البيهقي أن الترمذي قال: سألت محمدا عنه إلخ، وبهذا يعرف أن المصنف قلد في النقل عن الترمذي عن البخاري الحافظ البيهقي، ولهذا لم ينسب حديث عمرو بن شعيب إلا إلى أبي داود، والأولى العمل بحديث عمرو لما عرفت، وأنه أشفى شئ في الباب، وكان (ص) يسكت بين كل تكبيرتين سكتة لطيفة ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرتين ولكن ذكر الخلال عن ابن مسعود أنه قال: يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي (ص). وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن مسعود أن بين كل تكبيرتين قدر كلمتين وهو موقوف. وفيه سليمان بن أرقم ضعيف، وكان ابن عمر مع تحريه للاتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة.
(وعن أبي واقد) بقاف ومهملة اسم فاعل من وقد اسمه: الحارث بن عوف الليثي قديم الاسلام قيل إنه شهد بدرا، وقيل إنه من مسلمة الفتح، والأول أصح. عداده في أهل المدينة، وجاور بمكة، ومات بها سنة ثمان وستين (الليثي رضي الله عنه قال: كان النبي (ص) يقرأ في الفطر والأضحى بقاف) أي في الأولى بعد الفاتحة (واقتربت) أي في الثانية بعدها (أخرجه مسلم). فيه دليل على أن القراءة بهما في صلاة العيد سنة، وقد سلف أنه يقرأ فيهما بسبح والغاشية. والظاهر أنه كان يقرأ هذا تارة وهذا تارة، وقد ذهب إلى سنية ذلك الشافعي ومالك.
(وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله (ص) إذا كان يوم العيد خالف الطريق أخرجه البخاري) يعني أنه يرجع من مصلاه من جهة غير الجهة التي خرج منها إليه. قال الترمذي: أخذ بهذا بعض أهل العلم واستحبه للامام وبه يقول الشافعي انتهى. وقال به أكثر أهل العلم، ويكون مشروعا للامام والمأموم الذي أشار إليه بقوله: