ابن عبد البر: أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته جائحة قبل الجذاذ فلا ضمان . وفائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال ولذلك يجب عليه البينة في دعوى النقص بعد الخرص، وضبط حق الفقراء على المالك، ومطالبة المصدق بقدر ما خرصه، وانتفاع المالك بالأكل ونحوه.
واعلم أن النص ورد بخرص النخل والعنب، قيل: ويقاس عليه غيره مما يمكن ضبطه وإحاطة النظر به. وقيل يقتصر على محل النص. وهو الأقرب لعدم النص على العلة. وعند الهاوية والشافعية أنه لا خرص في الزرع لتعذر ضبطه لاستتاره بالقشر. وإذا ادعى المخروص عليه النقص بسبب يمكن إقامة البينة عليه وجب إقامتها، وإلا صدق بيمينه. وصفة الخرص أن يطوف بالشجرة، ويرى جميع ثمرتها ويقول: خرصها كذا وكذا رطبا، ويجئ منه كذا وكذا يابسا.
(وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن امرأة) هي أسماء بنت يزيد بن السكن (أتت النبي (ص) ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان) بفتح الميم وفتح السين المهملة والواحدة مسكة وهي الأسورة والخلاخيل (من ذهب فقال لها:
أتعطين زكاة هذه؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما. رواه الثلاثة وإسناده قوي) ورواه أبو داود من حديث حسين المعلم وهو ثقة فقول الترمذي إنه لا يعرف إلا من طريق ابن لهيعة غير صحيح (وصححه الحاكم من حديث عائشة) وحديث عائشة أخرجه الحاكم وغيره ولفظه إنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدها فتخات من ورق فقال: ما هذا يا عائشة؟
فقالت: صغتهن لأتزين لك بهن يا رسول الله، فقال: أتؤدين زكاتهن؟ قالت: لا، قال: هن حسبك من النار. قال الحاكم: إسناده على شرط الشيخين. والحديث دليل على وجوب الزكاة في الحلية وظاهره أنه لا نصاب لها لامره صلى الله عليه وسلم بتزكية هذه المذكورة ولا تكون خمس أواقي في الأغلب، وفي المسألة أربعة أقوال: الأول: وجوب الزكاة وهو مذهب الهادوية وجماعة من السلف وأحد أقوال الشافعي عملا بهذه الأحاديث. والثاني : لا تجب الزكاة في الحلية، وهو مذهب مالك وأحمد والشافعي في أحد أقواله، لآثار وردت عن السلف قاضية بعد وجوبها في الحلية ولكن بعد صحة الحديث لا أثر للآثار. والثالث: أن زكاة الحلية عاريتهما، كما روى الدارقطني عن أنس وأسماء بنت أبي بكر. الرابع: أنها تجب فيها الزكاة مرة واحدة رواه عن أنس. وأظهر الأقوال دليلا وجوبها لصحة الحديث وقوته وأما نصابها فعند الموجبين نصاب النقدين، وظاهر حديثها الاطلاق وكأنهم قيدوه بأحاديث النقدين ويقوي الوجوب قوله:
(وعن أم سلمة رضي الله عنها كانت تلبس أوضاحا) في النهاية هي نوع من الحلي يعلم من الفضة سميت بها بياضها واحدها وضح انتهى وقوله (من ذهب) يدل على أنها تسمى إذا كانت من الذهب أوضاحا (فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟ أي فدخل تحت آية * (الذين يكنزون الذهب والفضة) * (قال: إذا أديت زكاته فليس بكنز،