حقيقته ولا يعلمه إلا الله، ولم يكن تعريفنا لذلك إلا بتشبيهه بما نعرفه من أحوال المقادير ، شبه قدر الاجر الحاصل من ذلك بالقيراط ليبرز لنا المعقول في صورة المحسوس. ولما كان القيراط حقير القدر بالنسبة إلى ما نعرفه في الدنيا نبه على معرفة قدره: بأنه كأحد الجبل المعروف بالمدينة. وقوله: حتى تدفن ظاهر في وقوع مطلق الدفن وإن لم يفرغ منه كله. ولفظ حتى توضع في اللحد كذلك إلا إن في الرواية الأخرى لمسلم حتى يفرغ من دفنها ففيها بيان وتفسير لما في غيرها. والحديث ترغيب في حضور الميت والصلاة عليه ودفنه، وفيه دلالة على عظم فضل الله وتكريمه للميت وإكرامه بجزيل الإثابة لمن أحسن إليه بعد موته.
تنبيه - في حمل الجنازة -: أخرج البيهقي في السنن الكبرى بسنده إلى عبد الله بن مسعود أنه قال: إذا تبع أحدكم الجنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة ثم ليتطوع بعد أو يذر فإنه من السنة. وأخرج بسنده: أن عثمان ابن عفان حمل بين العمودين سرير أمه فلم يفارقه حتى وضعه وأخرج أيضا أن أبا هريرة رضي الله عنه حمل بين عمودي سرير سعد بن أبي وقاص. وأخرج : أن ابن الزبير حمل بين عمودي سرير المسور بن مخرمة. وأخرج من حديث يوسف بن ماهك قال: شهدت جنازة رافع بن خديج وفيها ابن عمر وابن عباس فانطلق ابن عمر حتى أخذ بمقدم السرير بين القائمين فوضعه على كاهله ثم مشى بها. انتهى (وعن سالم رضي الله عنه) هو أبو عبد الله وأبو عمرو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أحد فقهاء المدينة من سادات التابعين وأعيان علمائهم روى عن أبيه وغيره مات سنة ست ومائة (عن أبيه) هو عبد الله بن عمر (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وهم يمشون أمام الجنازة. رواه الخمسة وصححه ابن حبان وأعله النسائي وطائفة بالارسال) اختلف في وصله وإرساله فقال أحمد: إنما هو عن الزهري مرسل، وحديث سالم موقوف على ابن عمر من فعله. قال الترمذي: أهل الحديث يرون المرسل أصح. وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن الزهري عن سالم أن عبد الله بن عمر كان يمشي بين يديها وأبا بكر وعمر وعثمان. قال الزهري وكذلك السنة. وقد ذكر الدارقطني في العلل اختلافا كثيرا فيه عن الزهري قال: والصحيح قول من قال عن الزهري عن سالم عن أبيه: أنه كان يمشي. قال : وقد مشى رسول الله (ص) وأبو بكر وعمر رضي الله عنهم بين يديها. وهذا مرسل وقال البيهقي: إن الموصول أرجح لأنه من رواية ابن عيينة وهو ثقة حافظ، وعن علي بن المديني قال: قلت لابن عيينة: يا أبا محمد خالفك الناس في هذا الحديث، فقال:
استيقن، الزهري حدثنيه مرارا لست أحصيه، يعيده ويبديه، سمعته من فيه، عن سالم عن أبيه. قال المصنف: وهذا لا ينفي عنه الوهم لأنه ضبط أنه سمعه منه عن سالم عن أبيه والامر كذلك إلا أن فيه إدراجا. وصححه الزهري وحدث به ابن عيينة. وللاختلاف في الحديث اختلف العلماء على خمسة أقوال (الأول) أن المشي أمام الجنازة أفضل لوروده من فعله (ص) وفعل الخلفاء وذهب إليه الجمهور والشافعي. (والثاني) للهادوية والحنفية أن المشي خلفها أفضل لما رواه ابن طاوس عن أبيه ما مشى رسول الله (ص) حتى مات إلا خلف