وأتى القبر فحثى عليه ثلاث حثيات وهو قائم رواه الدارقطني) وأخرجه البزار وزاد بعد قوله وهو قائم عند رأسه وزاد أيضا فأمر فرش عليه الماء وروى أبو الشيخ في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة مرفوعا من حثا على مسلم احتسابا كتب له بكل ثراة حسنة وإسناده ضعيف. وأخرج ابن ماجة من حديث أبي هريرة أن رسول الله (ص) حثى من قبل الرأس ثلاثا إلا أنه قال أبو حاتم: حديث باطل وروى البيهقي من طريق محمد بن زياد عن أبي أمامة قال: توفي رجل فلم تصب له حسنة إلا ثلاث حثيات حثاها على قبر فغفرت لذنوبه. ولكن هذه شهد بعضها لبعض. وفيه دلالة على مشروعية الحثي على القبر ثلاثا، وهو يكون باليدين معا لثبوته في حديث عامر بن ربيعة ففيه حثا بيديه، واستحب أصحاب الشافي أن يقول عند ذلك * (منها خلقناكم وفيها نعيدكم) * الآية.
(وعن عثمان رضي الله عنه قال: كان رسول الله (ص) إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل رواه أبو داود وصححه الحاكم) فيه دلالة على انتفاع الميت باستغفار الحي له، وعليه ورد قوله تعالى: * (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان) * وقوله: * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) * ونحوهما. وعلى أنه يسأل في القبر، وقد وردت به الأحاديث الصحيحة، كما أخرج ذلك الشيخان. فمنها من حديث أنس أنه (ص) قال : إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم. زاد مسلم: وإذا انصرفوا أتاه ملكان زاد ابن حبان والترمذي من حديث أبي هريرة: أزرقان أسودان يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير. زاد الطبراني في الأوسط: أعينهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر وأصواتهما البقر مثل الرعد تزاد عبد الرزاق: ويحفر ان بأنيابهما ويطآن في أشعارهما معهما مرزبة لو اجتمع عليها أهل منى لم يقلوها وزاد البخاري من حديث البراء: فيعاد روحه في جسده. ويستفاد في مجموع الأحاديث أنهما يسألانه فيقولان: ما كنت تعبد؟
فإن كان الله هداه فيقول: كنت أ عبد الله، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد؟
(ص) فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. وفي رواية أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقال له: صدقت فلا يسأل عن شئ غيرها ثم يقال له: على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله تعالى. وفي لفظ: فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة وألبسوه من الجنة قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له مد بصره، ويقال له انظر مقعدك من النار قد أبدلك الله مقعدا من الجنة فيراهما جميعا، فيقول: دعوني حتى أذهب أبشر أهلي فيقال له: اسكت، ويفسح له قبره سبعون ذراعا ويملا خضرا إلى يوم القيامة. وفي لفظ ويقال له نم فينام نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله. وأما الكافر والمنافق فيقول له الملكان من ربك؟