(وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه جعل البيت عن يساره) عند رميه جمرة العقبة (ومنى عن يمينه ورمى الجمرة بسبع حصيات وقال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة. متفق عليه). قام الاجماع على أن هذه الكيفية ليست بواجبة وإنما هي مستحبة وهذا قاله ابن مسعود ردا على من يرميها من فوقها. واتفقوا أن سائر الجمار ترمى من فوقها. وخص سورة البقرة بالذكر لان غالب أعمال الحج مذكور فيها أو لأنها اشتملت على أكثر أمور الديانات والمعاملات، وفيه جواز أن يقال سورة البقرة خلافا لمن قال: يكره ولا دليل له.
(وعن جابر رضي الله عنه قال: رمى رسول الله (ص) الجمرة يوم النحر ضحى وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس رواه مسلم. تقدم الكلام على وقت رمي جمرة العقبة. والحديث دليل على أن وقت رمي الثلاث الجمار من بعد زوال الشمس وهو قول جماهير العلماء.
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا) بضم الدال وبكسرها أي الدانية إلى مسجد الخيف وهي أول الجمرات التي ترمى ثاني النحر (بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل) بضم حرف المضارعة وسكون المهملة أي يقصد السهل من الأرض (فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال) أي يمشي إلى جهة شماله ليقف داعيا في مقام لا يصيبه الرمي (فيسهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. رواه البخاري). فيه ما قد دلت عليه الأدلة الماضية: من الرمي بسبع حصيات لكل جمرة، والتكبير عند كل حصاة، وفيه زيادة أنه يستقبل القبلة بعد الرمي للجمرتين. ويقوم طويلا يدعو الله تعالى، وقد فسر مقدار القيام ما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن ابن عمر كان يقوم عند الجمرتين بمقدار ما يقرأ سورة البقرة وأنه يرفع يديه عند الدعاء قال ابن قدامة: ولا نعلم في ذلك خلافا إلا ما يروى عن مالك أنه لا يرفع يديه عند الدعاء وحديث ابن عمر دليل لخلاف ما قال مالك.
(وعنه) أي ابن عمر (رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال:
اللهم ارحم المحلقين أي الذين حلقوا رؤوسهم في حج أو عمرة عند الاحلال منها (قالوا) يعني السامعين من الصحابة، قال المصنف في الفتح: إن لم يقف في شئ من الطرق على الذي تولى السؤال بعد البحث الشديد عنه (والمقصرين) هو من عطف التلقين كما في قوله تعالى: * (قال ومن كفر) * في أحد الوجهين في الآية كأنه قيل: وارحم المقصرين (يا رسول الله؟ قال: في الثالث والمقصرين متفق عليه) وظاهره أنه دعا للمحلقين مرتين وعطف المقصرين في الثالثة وفي روايات أنه دعا للمحلقين ثلاثا ثم عطف المقصرين . ثم إنه اختلف في هذا الدعاء متى كان منه صلى الله عليه وسلم، فقيل: في عمرة الحديبية