الجنازة ولما رواه سعيد بن منصور من حديث علي عليه السلام قال: المشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ. إسناده حسن وهو موقوف له حكم الرفع ، وحكى الأثرم أن أحمد تكلم في إسناده. (الثالث) أنه يمشي بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها علقه البخاري عن أنس، وأخرجه ابن أبي شيبة موصولا وكذا عبد الرزاق، وفيه التوسعة على المشيعين وهو يوافق سنة الاسراع بالجنازة وأنهم لا يلزمون مكانا واحدا يمشون فيه لئلا يشق عليهم أو على بعضهم. (القول الرابع) للثوري أن الماشي يمشي حيث شاء والراكب خلفها لما أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم من حديث المغيرة مرفوعا الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها. (القول الخامس) للنخعي إن كان مع الجنازة نساء مشي أمامها وإلا فخلفها.
(وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: نهينا) مبني للمجهول (عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا متفق عليه) جمهور أهل الأصول والمحدثين أن قول الصحابي نهينا أو أمرنا بعدم ذكر الفاعل له حكم المرفوع إذ الظاهر من ذلك أن الآمر والناهي هو النبي صلى الله عليه وسلم. وأما هذا الحديث فقد ثبت رفعه وأنه أخرجه البخاري في باب الحيض عن أم عطية بلفظ نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث إلا أنه مرسل لان أم عطية لم تسمعه منه لما أخرجه الطبراني عنها وقالت: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع النساء في بيت ثم بعث إلينا عمر فقال: إني رسول الله (ص) إليكن بعثني إليكن لأبايعكن على ألا تشركن بالله شيئا الحديث. وفي آخره ونهانا أن نخرج في جنازة. وقولها: ولم يعزم علينا ظاهر في أن النهي للكراهية لا للتحريم كأنها فهمته من قرينة وإلا فأصله التحريم، وإلى أنه للكراهة ذهب جمهور أهل العلم ويدل له ما أخرجه ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة أن رسول الله (ص) كان في جنازة فرأى عمر امرأة فصاح بها فقال: دعها يا عمر الحديث وأخرجه النسائي وابن ماجة. ومن طريق أخرى ورجالها ثقات.
(وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع متفق عليه) الامر ظاهر في وجوب القيام للجنازة إذا مرت بالمكلف وإن لم يقصد تشييعها وظاهر في عموم كل جنازة من مؤمن وغيره ويؤيده أنه أخرج البخاري قيامه صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودي مرت به. وعلل ذلك بأن الموت فزع وفي رواية أليست نفسا وأخرج الحاكم إنما قمنا للملائكة وأخرج أحمد والحاكم وابن حبان: إنما نقوم إعظاما للذي يقبض النفوس. ولفظ ابن حبان: إعظاما لله. ولا منافاة بين التعليلين. وقد عارض هذا الامر حيث علي عليه السلام عند مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم قام للجنازة ثم قعد. والقول بأنه يحتمل أن مراده قام ثم قعد لما بعدت عنه، يدفعه أن عليا أشار إلى قوم بأن يقعدوا ثم حدثهم الحديث. ولما تعارض الحديثان اختلف العلماء في ذلك. فذهب الشافعي إلى أن حديث علي عليه السلام ناسخ للامر بالقيام، ورد أن حديث علي ليس نصا لاحتمال أن قعوده صلى الله عليه