خارجة حيث قال: الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وقد ذكرنا أنواع الوتر التي وردت في حاشية ضوء النهار.
(وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله (ص):
يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل. متفق عليه). قوله: مثل فلان قال المصنف في فتح الباري: لم أقف على تسميته في شئ من الطرق وكأن إبهام هذا القصد للستر عليه، قال ابن العربي: هذا الحديث دليل على أن قيام الليل ليس بواجب، إذ لو كان واجبا لم يكتف لتاركه بهذا القدر، بل كان يذمه أبلغ ذم. وفيه استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من الخير من غير تفريط ويستنبط منه كراهة قطع العبادة.
(وعن علي عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): أوتروا يا أهل القرآن فإن الله وتر) في النهاية أي واحد في ذاته لا يقبل الانقسام ولا التجزئة واحد في صفاته لا شبيه له ولا مثل. واحد في أفعاله لا شريك له ولا معين، (يحب الوتر) يثيب عليه ويقبله من عامله، (رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة). المراد بأهل القرآن المؤمنون لأنهم الذي صدقوا القرآن وخاصة من يتولى حفظه ويقوم بتلاوته ومراعاة حدوده وأحكامه.
والتعليل بأنه تعالى وتر فيه - كما قال القاضي عياض: - أن كل ما ناسب الشئ أدنى مناسبة كان أحب إليه وقد عرفت أن الامر للندب للأدلة التي سلفت الدالة على عدم وجوب الوتر.
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي (ص) قال: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا متفق عليه) في فتح الباري أنه اختلف السلف في موضعين:
أحدهما في مشروعية ركعتين بعد الوتر من جلوس. والثاني: من أوتر ثم أراد أن ينتفل من الليل هل يكتفي بوتره الأول وينتفل ما شاء أو يشفع وتره بركعة ثم ينتفل، ثم إذا فعل هذا هل يحتاج إلى وتر آخر أو لا. أما الأول فوقع عند مسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة: أنه (ص) كان يصلي من الليل ركعتين بعد الوتر وهو جالس. وقد ذهب إليه بعض أهل العلم وجعل الامر في قوله: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا مختصا بمن أوتر آخر الليل، وأجاب من لم يقل بذلك بأن الركعتين المذكورتين هما ركعتا الفجر، وحمله النووي على أنه (ص) فعل ذلك لبيان جواز النفل بعد الوتر وجواز التنفل جالسا. وأما الثاني: فذهب الأكثر إلى أنه يصلي شفعا ما أراد ولا ينقض وتره الأول عملا بالحديث وهو: (وعن طلق بن علي رضي الله عنه سمعت رسول الله (ص) يقول:
لا وتران في ليلة رواه أحمد والثلاثة وصححه ابن حبان)، فدل على أنه لا يوتر بل يصلي شفعا ما شاء، وهذا نظر إلى ظاهر فعله وإلا فإنه لما شفع وتره الأول لم يبق إلا وترا واحد هو ما يفعله آخرا. وقد روي، عن ابن عمر أنه قال: لما سئل عن ذلك: إذ كنت لا تخاف الصبح ولا النوم فاشفع ثم صل ما بدا لك ثم أوتر.
(وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله (ص) يوتر) أي يقرأ في صلاة الوتر (بسبح اسم ربك الأعلى) أي في الأولى بعد قراءة الفاتحة،