الحكم، وزاده حكما لم يسأل عنه، وهو حل ميتته. قال الرافعي: لما عرف (ص) اشتباه الامر على السائل في ماء البحر، أشفق أن يشتبه عليه حكم ميتته. وقد يبتلى بها راكب البحر، فعقب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة. قال ابن العربي: وذلك من محاسن الفتوى، أن يجاء في الجواب بأكثر مما سئل عنه، تتميما للفائدة، وإفادة لعلم غير المسؤول عنه. ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم، كما هنا، لان من توقف في طهورية ماء البحر، فهو عن العلم بحل ميتته مع تقدم تحريم الميتة أشد توقفا. ثم المراد بميتته: ما مات فيه من دوابه: مما لا يعيش إلا فيه. لا ما مات فيه مطلقا، فإنه وإن صدق عليه لغة أنه ميتة بحر ، فمعلوم أنه لا يراد إلا ما ذكرنا وظاهره حل ما مات فيه، ولو كان كالكلب والخنزير ، ويأتي الكلام في ذلك فبابه إن شاء الله تعالى.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): إن الماء طهور لا ينجسه شئ أخرجه الثلاثة، وصححه أحمد. (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) اسمه سعد بن مالك بن سنان الخزرجي الأنصاري الخدري. بضم الخاء المعجمة ودال مهملة ساكنة نسبة إلى خدرة حي من الأنصار كما في القاموس. قال الذهبي: كان من علماء الصحابة، وممن شهد بيعة الشجرة، وروى حديثا كثيرا، وأفتى مدة. عاش أبو سعيد ستا وثمانين سنة، ومات في أول سنة أربع وسبعين، وحديثه كثير وحدث عنه جماعة من الصحابة، وله في الصحيحين أربعة وثمانون حديثا. (قال: قال رسول الله (ص): إن الماء طهور لا ينجسه شئ.
أخرجه الثلاثة) هم أصحاب السنن، ما عدا ابن ماجة، كما عرفت (وصححه أحمد) قال الحافظ المنذري في مختصر السنن: - إنه تكلم فيه بعضهم، لكن قال: حكي عن الإمام أحمد أنه قال:
حديث بئر بضاعة صحيح. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وقد جود أبو أسامة هذا الحديث ، ولم يرو حديث أبي سعيد في بئر بضاعة بأحسن مما روى أبو أسامة. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد. والحديث له سبب وهو: أنه قيل لرسول الله (ص): أنتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلأ ب والنتن؟
فقال: الماء طهور الحديث، هكذا في سنن أبي داود، وفي لفظ فيه: إن الماء كما ساقه المصنف. واعلم أنه قد أطال هنا في الشرح المقال، واستوفى ما قيل في حكم المياه من الأقوال، ولنقتصر في الخوض في المياه على قدر يجتمع به شمل الأحاديث، ويعرف به مأخذ الأقوال ووجوه الاستدلال فنقول: قد وردت أحاديث يؤخذ منها أحكام المياه، فمنها: حديث: الماء طهور لا ينجسه شئ. وحديث: إذ بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث. وحديث : الامر بصب ذنوب من ماء على بول الاعرابي في المسجد. وحديث: إذا استيقظ أحدكم فلا يدخل يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا. وحديث: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه. وحديث: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم الحديث . وفيه الامر بإراقة الماء الذي ولغ فيه. وهي أحاديث ثابتة ستأتي جميعها في كلام