وإن اختلط به الطعام، ولم تمسه النار فإن كان الطعام هو الغالب لم يثبت به التحريم، لأنه زال اللبن وصار اللبن كالعدم. وإن كان اللبن غالبا للطعام، وهو طعام ظاهر يعتد به قال أبو حنيفة: لا يقع به التحريم. وقال أبو يوسف ومحمد: يحرم اعتبارا للغالب فأبو حنيفة يقول إنه يضعف معنى اللبن، ويزول قوته، حتى يصير اللبن رقيقا ضعيفا يعرف بالمشاهدة.
وإن اختلط اللبن بالدواء أو الدهن أو النبيذ فإن كان اللبن غالبا يحرم، وإن كان الدواء غالبا لا يحرم، ويعتبر الغلبة بالاجماع، لان قوة اللبن باقية.
وإن اختلط اللبن بالماء فإن كان اللبن غالبا يقع به التحريم.
وإن كان الماء غالبا لا يقع به التحريم، اعتبارا للغالب.
وقال الشافعي: إذا أقطر من اللبن خمس رضعات، في جب ماء، فشرب منه الصبي تثبت الحرمة.
وإن اختلط اللبن بلبن شاة تعتبر الغلبة أيضا، لان لبن الشاة لا يؤثر في زوال قوة لبن الآدمية.
وأما إذا اختلط لبن امرأتين فروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف أن الحكم للأغلب، فثبت به التحريم، دون الآخر. وقال محمد وزفر:
يثبت التحريم منهما، احتياطا في باب الحرمة. وهما يقولان: إن المغلوب لا عبرة به في الشرع.
ولو طلق امرأته طلاقا بائنا، ولها منه لبن فما دامت في العدة، أو بعد التزوج بغيره قبل ظهور الحبل، لو أرضعت صبيا، فإن التحريم يثبت من الزوج الأول، لان اللبن له. فأما إذا حبلت من الزوج الثاني، فأرضعت صبيا قال أبو حنيفة: التحريم للأول دون الثاني، حتى